الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص288
والجواب الثاني : وهو قريب من معنى الأول : أنه لم يأمر بقضاء ذلك أمراً لازماً من أجل ما روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال : ‘ الوتر فيما بين العشاء والفجر ‘
وما روي عن أبي هريرة أن النبي ( ص ) قال : ‘ إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ‘ فصرف وجوب القضاء من أجل هذا ، وأن يكون اشتغاله بالفرض أولى من قضاء ما فاته من النفل فيكون النهي على هذا الجواب متوجهاً إلى من ذكر ذلك عند إقامة الفرض ، فهذا قول أبي إسحاق ، وعليه عامة أصحابنا ، وهو الصحيح
وقال آخرون من أصحابنا : في قضاء الوتر بعد الفجر ، وركعتي الصبح بعد الزوال قولان :
أحدهما : أنها لا تقضى
ووجهه : أنها صلاة نافلة فوجب أن تسقط بفوات وقتها كالكسوف ، والخسوف ، ولأن الصلاة إنما تفعل لتعلقها بالوقت ، أو لتعلقها بالذمة أو تبعاً لفعل فريضة ، والوتر ، وركعتا الفجر لم يتعلقا بالوقت ، ولأن وقتيهما قد فاتا وهي غير متعلقة بالذمة ، لأن النافلة لا تتعلق بالذمة وليس يفعلان على طريق التبع ، لأن متبوعها قد سقط فعلم أنهما لا يفعلان
والقول الثاني : تقضى وهو الصحيح
ووجهه عموم قوله ( ص ) : ‘ من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها فذلك وقتها ‘ ولأنها صلاة لها وقت راتب فوجب أن لا تسقط بفوات وقتها كالفرائض فعلى هذا لو دخل المسجد وقد أقيمت صلاة الصبح ولم يكن قد صلى ركعتي الفجر ، قال الشافعي : دخل مع الإمام في صلاة الصبح ، ولم يشتغل بركعتي الفجر ، فإذا أكمل فرضه ركعهما
وقال أبو حنيفة : يركعهما قبل فرضه ، وهذا غلط لقوله ( ص ) : ‘ إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ‘ فأما إذا قيل لا يقضي فهل يسقط فعلها بعد الصلاة الأخرى أو بدخول وقتها ؟ على وجهين :
أحدهما : بدخول الوقت فعلى هذا تسقط صلاة الوتر بطلوع الفجر وركعتا الفجر بزوال الشمس
والثاني : بفعل الصلاة فعلى هذا يصلي الوتر بعد الفجر وقبل صلاة الصبح فإذا صلاها سقط فعل الوتر ويصلي ركعتي الفجر بعد الزوال وقبل صلاة الظهر ، وإذا صلاها سقط فعل ركعتي الفجر