الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص281
وأما قوله ( ص ) : ‘ زادكم ‘ فهو دليلنا ، لأنه زاد لنا لا علينا ، وقولهم الزيادة لا تكون إلا على محصور فيقال لهم النوافل ضربان : مؤكدة ، وغير مؤكدة ، فالمؤكدة محصورة القدر ، كركعتي الفجر ، والنوافل الموظفات قبل الصلوات وبعدها على أن من أصلهم أنها غير مزيدة على شيء ، لأنها ليست عندهم فرضاً تزاد على الوظائف ، ولا نفلاً تزاد على النوافل فسقط من حيث أوردوه
وأما حديث ابن بريدة وقوله ( ص ) : ‘ من لم يوتر فليس منا ‘ فمتروك الظاهر بإجماع ؛ لأن تارك الوتر لا يكون كافراً خارجاً عن الملة فاحتجنا وإياهم إلى تأويل يحمل عليه ظاهر الحديث ، ونحن أقدر على تأويله منهم ، فنقول : معناه من لم يوتر معتقداً أنها غير سنة ، فليس منا على أن هذه اللفظة قد تستعمل في ترك المندوب إليه قال النبي ( ص ) : ‘ من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا فليس منا ‘ وتوقير الكبير مندوب إليه وليس بواجب
وأما حديث علي رضي الله عنه ففيه جوابان :
أحدهما : أن قوله ( ص ) : ‘ إن الله عز وجل وتر يحب الوتر ‘ فلا يدل على وجوبه ، وإنما يدل على فعله واستحبابه
والثاني : أن في تخصيص أهل القرآن به
وقوله ( ص ) للأعرابي : ‘ إنها ليست لك ، ولا لقومك ‘ دليل على كونه سنة وندباً
وأما حديث أبي أيوب فقد روينا عنه في الخبر أنه ( ص ) قال : ‘ الوتر حق مسنون على كل مسلم ‘ فسقط الاستدلال به
وأما قياسهم على المغرب ، فالمعنى فيه : أنها صلاة سن لها أذان وإقامة ، ثم يقال لأبي حنيفة : ما تعم البلوى به لا يثبت على أصلك بالقياس ، ولا بخبر الواحد وليس معك فيه تواتر فلم أثبت وجوبه ، وفيه مخالفة أصلك فإن ذكر جواباً كان توقيفاً واعتذاراً تفصحه السير – والله أعلم –