الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص268
قال الماوردي : وهذا صحيح
وجملة المشركين ضربان :
أحدهما : أن يكونوا ممن قد شرط عليهم في عقد ذمتهم وقبول حريتهم أن لا يدخلوا مساجدنا فهؤلاء ليس لهم دخول مسجد بحال
والضرب الثاني : أن لا يكونوا ممن لا يشترط ذلك عليهم فقد اختلف الناس في ذلك على ثلاثة مذاهب :
أحدهما : وهو مذهب الشافعي أنه يجوز لهم أن يدخلوا مساجدنا بإذننا إلا الحرم ، ومساجده ، فلا يجوز لهم دخوله
والثاني : وهو قول مالك لا يجوز لهم دخول مسجد بحال لا الحرم ولا غيره
والثالث : وهو قول أبي حنيفة : يجوز لهم دخول المسجد كلها في الحرم وغيره
والدلالة عليهما قوله تعالى : ( فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ) [ التوبة : 28 ] فسقط بصريح الآية قول أبي حنيفة ، لأن الله تعالى منعهم من دخول المسجد ، وأبو حنيفة أجازه لهم ، وسقط بدليلها قول مالك ، لأنه خص منعهم بالمسجد الحرام يعني : الحرم فدل على أن غير الحرم مخالف له في الحكم المعلق به ، وليس نصه على الحرم تنبيهاً على غيره ، لأنه لو أراد ذلك لنص على ما دونه في الحرم ، ثم من الدليل على مالك رواية عثمان بن أبي العاص أن النبي ( ص ) أنزل وفد ثقيفٍ في المسجد ‘ وروي أن مشركي قريش لما قدموا على النبي ( ص ) في فدي أسراهم أنزلهم في المسجد . قال جبير بن مطعم : فكنت فيهم حيث أسمع قراءة رسول الله ( ص ) وروي أنه ( ص ) شد ثمامة بن أثالٍ على ساريةٍ من سواري المسجد ‘ فأما المزني فإن منع المشرك من دخول المسجد ، والمبيت فيه بكل قال : لأنه لو جاز ذلك له لكان الجنب المسلم أولى به لموضع حرمته وتشريفه فلما لم يجز للمسلم المبيت فيه كان المشرك أولى