الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص225
وقال الأوزاعي : إن كان السهو من جنس واحد نابت السجدتان عن جميعه ، وإن اختلف كان عليه لكل سهو سجدتان ؛ واستدلوا برواية ثوبان عن رسول الله ( ص ) أنه قال : ‘ لكل سهو سجدتان بعد السلام ‘ ، ولأنه جبران لم يتداخل فوجب أن لا يتداخل جبرانه كالنقص المجبور في الحج ، وهذا خطأ والدلالة عليه قصة ذي اليدين أن رسول الله ( ص ) سلم من اثنتين ناسياً ، وتكلم ناسياً ، ومشى ناسياً ، ثم سجد لكل ذلك سجدتين ، ولأن سجود السهو لما أخر عن سببه وجعل محله آخر الصلاة دل على أن ذلك من أجل نيابته عن جميع السهو المتقدم ، ولو وجب لكل سهو سجدتان لوجب أن يفعلا عقيب السهو ، ألا ترى أن سجود التلاوة لما تكرر جعل محله عقيب سببه ، فلما كان سجود السهو مخالفاً له في محله وجب أن يكون مخالفاً له في حكمه
وأما حديث ثوبان ففيه جوابان :
أحدهما : أن معناه لكل سهو وقع في الصلاة سجدتان ، لأن ‘ كل ‘ لفظة تستغرق الجنس
والثاني : أن المراد به تسوية الحكم بين قليل السهو وكثيره ، وصغره وكبره في أن فيه سجود السهو ، وأما الحج فإنما تكرر جبرانه ، لأن محله عقيب سببه فكذلك لم يكن الجبر أن الواحد نائباً عن جميعه ، ولما كان سجود السهو مؤخراً عن سببه كان نائباً عن جميعه
قال الماوردي : وهو كما قال
أما قصد الشافعي بهذه المسألة بيان ما يجب له سجود السهو ، وجملته ضربان :
أحدهما : ما وجب لزيادة ، فمثل أن يتكلم ناسياً ، أو يركع ركوعين ، أو يقوم إلى خامسة أو يتشهد في ثالثة ناسياً في كل ذلك فصلاته جائزة ، وعليه سجود السهو
أصله قصة ذي اليدين
وأما ما وجب لنقصان فهو أن يترك ما أمر بفعله ، وذلك على ثلاثة أضرب :
أحدهما : ما كان ركناً مفروضاً
‘ قراءة الفاتحة ‘ ، والركوع ، والسجود ، والتشهد الأخير فيلزمه الإتيان به على ما ذكرنا ، ثم يسجد للسهو ، فأما تكبيرة الإحرام فركن مفروض غير أنه إن تركها بطلت صلاته ، ولزمه استئناف النية والإحرام ، لأن تكبيرة الإحرام تمنع من انعقاد الصلاة