پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص183

والثاني : قوله ( ص ) : ‘ إذا ناب أحدكم شيء في صلاته فليسبح ‘ فجعل ( ص ) التنبيه بالتسبيح دون الكلام

وهذا الخبر عمدة المسألة ، ولأنه خطاب أدمي في الصلاة على وجه العمد فوجب أن يبطلها قياساً على ما لا يصلحها

وأما استدلالهم بحديث ذي اليدين ، فقد تقدم الجواب عنه مع أبي حنيفة ، وقلنا : إن كلهم ناس لكلامه غير عامد لاعتقادهم الخروج من الصلاة ، فإن قيل : فأنتم تقولون إن صلاة المأموم باطلة إذا قال لإمامه قد نسيت صلاته أو قصرت كقول ذي اليدين ، قيل : لاستقراب حكم الصلاة ، وعدم النسخ الذي كان مجوزاً على عهد رسول الله ( ص ) ، وأما قولهم أن النسخ لا يكون بأمر محتمل ، وإنما يكون بدلالة قاطعة فالجواب عنه من وجهين :

أحدهما : أن هذا ليس بنسخ ، لأن النسخ هو : رفع ما ثبت بالشرع إما قولاً أو فعلاً ، وليس جواز الكلام في الصلاة شرعاً ، وإنما هو استصحاب للإباحة فجاز رفعه بأمر محتمل كما أن شرب النبيذ مباح لا من طريق الشرع ، ولكن استصحاب حال الإباحة فجاز رفعه لمحتمل

والجواب الثاني : أن هذا نسخ ، لعمري ، ولكن إن لم يقع النسخ لمحتمل وإنما علم كونه منسوخاً بأمر محتمل كما قال ( ص ) : ‘ إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا رفع فارفعوا وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعين ‘ ثم صلى رسول الله ( ص ) بأصحابه جالساً في مرضه وصلى من خلفه قياماً ، فعلم بهذا الفعل تقديم النسخ

( فصل )

: فإذا تقرر هذا فالكلام في صلاته له خمسة أحوال :

أحدها : أن يكون عامداً لكلامه ذاكراً لصلاته ، فصلاته باطلة

والثاني : أن يكون ناسياً لكلامه ساهياً عن صلاته ، فصلاته جائزة ، وعليه سجود السهو

والثالث : أن يكون عامداً لكلامه ناسياً لصلاته فصلاته جائزة ، وعليه سجود السهو ، ولأنه إن عمد الكلام فلم يقصد إيقاعه في الصلاة فصار ناسياً

والرابع : أن يكون عامداً بكلامه ذاكراً لصلاته جاهلاً بتحريم الكلام فيها ، لقرب عهد بالإسلام مثل معاوية بن الحكم السلمي فصلاته جائزة ، وعليه سجود السهو

والخامس : أن يكون عامداً لكلامه ذاكراً لصلاته عالماً بتحريم الكلام جاهلاً بحكم الكلام هل يبطل صلاته أم لا ؟ فصلاته باطلة كمن زنى عالماً بتحريمه بإيجاب الحد فيه لزمه الحد كما لو علم به