پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص179

‘ أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ‘ فلم يجز أن يقوم عليهم برد أقوالهم ، وإبطالها ما أمكن استعمالها مع اتفاقهم في الحكم المقصود ، وهو إتمام الصلاة ، والبناء عليه مع وقوع الكلام فيها واختلافهم في الفعل ليس بقادح في الحكم المتفق عليه مع جواز أن يكون ذلك في وقتين مختلفين أو من رجلين عربيين مع اشتهار حديث ذي اليدين ، وتلقى الناس له بالقبول ، فإن قيل فالحديث مضطرب من وجه ثالث ، وهو قول رسول الله ( ص ) لذي اليدين حين قال أقصرت الصلاة أم نسيت فقال كل ذلك لم يكن رداً لقوله وتكذيباً لظنه قيل : هذا لا يقدح في الحديث ، ولا يقدح في صحته لاحتمال أمرين :

أحدهما : أن اجتماع القصر والنسيان لم يكن

والثاني : إن كل ذلك لم يكن عندي ، فإن قيل : لو سلم الحديث من الاضطراب وخلا من شوائب القدح لم يكن فيه دليل ، لأن الكلام قد كان مباحاً في الصلاة ثم حظر بدليل حديث ابن مسعود ، وبما روي عن زيد بن أرقم قال : كنا نتكلم في الصلاة إلى أن نزل قوله سبحانه : ( وقوموا لله قانتين ) [ البقرة : 238 ] فنهينا عن الكلام فسكتنا فإذا حظر الكلام بعد إباحته حمل حديث ذي اليدين على حال الإباحة ، قيل : هذا فاسد من وجهين :

أحدهما : أن حديث ذي اليدين رواه أبو هريرة ، وكان إسلامه في السنة السابعة من الهجرة ، وابن مسعود روى تحريم الكلام قبل الهجرة بمكة عند عوده من أرض الحبشة

والثاني : أن النبي ( ص ) سجد للسهو بعد سلامه ، ولو كان الكلام مباحاً لم يسجد لأجله ، فإن قيل : بعد تكلم ذي اليدين في الصلاة عامداً واستثبت أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فقالا له نعم أو قالا صدق ذو اليدين ، وكانا عامدين ، وعندكم أن عمد الكلام يبطل الصلاة فكيف يصح لكم الاحتجاج بهذا الحديث ، ومذهبكم يدفعه ، قيل : أما كلام ذي اليدين فهو على وجه السهو ، لأنه ظن حدوث النسخ وقصر الصلاة من أربع إلى ركعتين فتكلم وعنده أنه في غير الصلاة ، وهذا صورة الناسي ثم استظهر بسؤال رسول الله ( ص ) خوفاً من النسيان وإلا فالظاهر منه ( ص ) صحة قصده في أفعاله ألا تراه لو مات بعد سلامه لحمل الأمر فيه على النسخ دون النسيان ، وأما جواب رسول الله ( ص ) فلأنه اعتقد إتمام صلاته ولم يصدق ذا اليدين في قوله

وأما جواب أبي بكر ، وعمر رضي الله عنهما وقولهما صدق ذو اليدين ففيه جوابان :

أحدهما : أن الذي روى عنهما أنهما أومآ إليه برؤوسهما ، وأشار إليه من غير نطق ومن روى عنهما أنهما قالا فغمزا فمعناه بالإشارة قال الشاعر :

( وقالت له العينان سمعاً وطاعةً
وحدرتا كالدر لما يثقب )

والجواب الثاني : أنه لو صح أنهما أجابا رسول الله ( ص ) فلا ؛ بل أن إجابة