والثاني : أن القيام له بدل يرجع إليه وهو القعود ، وليس لستر العورة بدل ، وهذا خطأ . ودليلنا قوله تعالى : ( وقوموا لله قانتين ) [ البقرة : 238 ]
وقوله ( ص ) : ‘ صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً ، فإن لم تستطع فعلى جنب ‘ ، ولأن القيام ركن فوجب أن لا يجوز تركه مع القدرة عليه لفقد الستر كالركوع ، والسجود ، ولأن كل ما لا يؤثر في الانتقال من القعود إلى الإيماء لم يؤثر في الانتقال من القيام إلى القعود كالقبلة طرداً ، والمرض عكساً ، وأما قوله في جلوسه ستر العورة فليس كذلك بل عورته ظاهرة وإنما خفي بغمضها وصار بجلوسه تاركاً للستر والقيام جميعاً على أنه لا يصح أن يستر عورته ببدنه
( فصل )
: قال الشافعي : ‘ وإذا كانوا عراة ولا نساء ، معهم فأحب أن يصلوا جماعة ويقف الإمام وسطهم ، ويغضوا أبصارهم ‘ قال : ‘ وإن كانوا رجالاً ونساء صلوا منفردين بحيث لا يرى الرجال النساء ولا النساء الرجال فإن لم يمكن ذلك ولى النساء إلى غير القبلة ووقفوا حتى يصلي الرجال ، فإذا صلوا ولى الرجال إلى غير القبلة حتى يصلي النساء فلو كان مع أحدهم ثوب كان أولاهم به ولا يلزمه إعارتهم ، لكن المستحب له والأولى له أن يعيرهم ثوبه بعد صلاته ليصلي فيه جميعهم واحداً بعد واحد ، فإن خافوا خروج الوقت إن انتظر بعضهم بعضاً صلوا عراة قبل خروج الوقت ، وعليهم الإعارة نص عليه الشافعي ، ولو كانوا في سفينة لا يقدرون على الصلاة قياماً إلا واحداً بعد واحد وخافوا خروج الوقت صلوا قعوداً ولا إعادة عليهم ، ومن أصحابنا من نقل جواب كل واحدة من المسألتين إلى الأخرى وخرجها على قولين ، ومنهم من حمل جواب الشافعي على ظاهره في المسألتين ، وفرق بينهما بفرقين :
أحدهما : أن فرض القيام قد سقط مع القدرة عليه في النوافل ، وفي الفرائض إذا كان مريضاً يقدر على القيام بمشقة ، وستر العورة لا يسقط مع القدرة عليه بحال
والثاني : أن القيام بدل يرجع إليه عند العجز عنه ، وهو القعود وليس لستر العورة بدل فلذلك قدم الشافعي فرض ستر العورة على الوقت وأوجب الإعادة على العراة ، وقدم فرض الوقت على القيام وأسقط الإعادة على المضايقين في السفينة ، وهو أصح من تخريجهما على قولين
( فصل )
: وإذا وجد العريان ثوباً نجساً صلى عريان وأجزأه ، كما لو وجد العادم الماء ماء نجساً تيمم ولا يستعمله ، فلو وجد العريان ثوباً لغيره لم يلبسه إلا بإذنه حاضراً كان الغير ، أو غائباً ، فإن لم يقدر على استئذانه صلى عرياناً ولا إعادة عليه ، فإن لبسه بغير إذنه وصلى فيه كان غاضباً يلبسه وصلاته مجزئة ، لأن المعصية في اللباس لا تقدح في صحة الصلاة كالمصلي في دار مغصوبة ، أو ثوب ديباج ، فلو قدر العريان على ثوب يستتر به بثمن مثله ، أو