الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص166
قال : ولأنه لو كان واجباً في الصلاة لكان له بدل يرجع إليه عند العجز كالقيام والقراءة فلما لم يكن له بدل دل على أنه ليس بواجب كالتسبيح ، وهذا غلط
ودليلنا قوله تعالى : ( يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد ) [ الأعراف : 31 ] وقد اتفقوا على أن غير اللباس لا يجب فثبت وجوب اللباس وهو قوله تعالى : ( عند كل مسجد ) والمسجد يسمى صلاة قال الله تعالى : ( لهدمت صوامع وبيع وصلوات ) [ الحج : 40 ] يعني : مساجد
فإذا قيل : نزلت هذه الآية في الطواف ، وكان سببها أن المشركين كانوا يطوفون بالبيت عراة فأنزل الله تعالى : ( خذوا زينتكم عند كل مسجد ) فوجب حمل الآية على سببها قيل عموم اللفظ يشتمل على الطواف ، والصلاة فلا اعتبار بالسبب الخاص على أنه لما أمر بذلك في الطواف كان الأمر به في الصلاة أولى على أن الطواف يسمى صلاة لقوله ( ص ) : ‘ الطواف صلاة ‘
وروي عن سلمة بن الأكواع قال : قلت : يا رسول الله إني أخرج إلى الصيد وأصلي وليس علي إلا قميص واحد ، فقال ( ص ) : ‘ زره عليك ، أو اربطه بشوكة ‘ فأمره بزرة خوفاً من ظهور عورته في ركوع ، أو سجود ، فدل على وجوب سترتها
وروى نافع عن ابن عمر أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ من كان معه ثوبان فليصل فيهما ، ومن لم يكن معه إلا ثوب واحد فليتزر به ‘
وروت صفية بنت الحارث عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ لا يقبل الله صلاة امرأة حاضت إلا بخمار ‘ أي : بلغت حال الحيض
وروي ‘ لا يقبل الله صلاة امرأة تحيض إلا بخمار ‘
وأما قوله لما كان واجباً لغير الصلاة لم يجب للصلاة
فالجواب أن من أصحابنا من قال : ليس بواجب في غير الصلاة وإنما عليه في غير الصلاة أن يتوارى بما يحيل بين عورته وعيون الناس فإن توارى بجدار ، أو دخل بيتاً جاز ، فعلى هذا يسقط هذا السؤال ، ومذهب الشافعي وجوبها لغير الصلاة ، ولا يدل على أنها لا