پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص81

[ البقرة : 115 ] ولأن كل جهة صح صلاة المسايف إليها صح صلاة المجتهد إليها كالقبلة ، ولأن كل صلاة صحت إلى القبلة جاز أن تصح بالاجتهاد إلى غير القبلة كالمسايف ، ولأنه لو صلى باجتهاده إلى جهتين مختلفتين فاليقين موجود في حصول الخطأ في إحدى الصلاتين ، فلو لزم القضاء بيقين الخطأ للزمه إعادة الصلاتين ، لأن من علم أن عليه إحدى صلاتين لا يعرفها لزمه إعادة الصلاتين ، فلما أجمعوا على سقوط القضاء في هاتين الصلاتين دل على سقوط القضاء مع يقين الخطأ

ووجه القول الثاني : في وجوب الإعادة قوله تعالى : ( وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره ) [ البقرة : 144 ] ، فأمر الله تعالى بالتوجه إليه فمن توجه إلى غيره فالأمر باقٍ عليه ، ولأن ما لا يسقط بالنسيان من شروط الصلاة لا يسقط بالخطأ ، كالطهارة ، والوفق ولا تعيين الخطأ في الصلاة يوجب القضاء ، كأهل مكة ، ولأنه تعين له يقين الخطأ فيما يأمن من مثله في القضاء فوجب أن تلزمه الإعادة ، كالحاكم إذا خالف نصاً باجتهاده

وأما الجواب عن الخبر ما ذكرناه من الاختلاف في تأويل الآية فهو : أنه يحمل على أحد أمرين ، إما على صلاة النفل دون الفرض ، أو على خطأ العين دون الجهة

وأما قياسهم على مستقبل القبلة فمنتقض بالمكي ، ثم المعنى فيه صواب الجهة

وأما قياسهم على المسايف : فالمعنى فيه : إن علم المسايف بعدوله عن القبلة لا يبطل صلاته ، وعلم المجتهد بالعدول عنها لا يبطل صلاته ، وأما المصلي إلى جهتين فإنما لم تجب عليه الإعادة ؛ لأنه لم يتعين له الخطأ في إحدى الجهتين كالحاكم فإذا اختلف اجتهاده في الحادثة فحكم فيها بحكمين مختلفين لم ينقض واحد منهما ، لأن الخطأ لم يتيقن في أحدهما ، ولو خالف نصاً نقض

( فصل )

: فأما المزني فإنه يذهب إلى اختيار القول الأول في سقوط الإعادة ، وذكر فصولاً خمسة بعضها استشهاداً بمذهب ، وبعضها استدلالاً بشبهه ، فالفصل الأول من أسئلته أن الشافعي قال : في كتاب ‘ الصيام ‘ : ولو تاخى القبلة ثم علم بعد كمال الصلاة أنه أخطأ ، أن ذلك يجزئه ، كما يجزئ ذلك في خطأ عرفة ، فنقل المزني عن الشافعي رواية أن لا إعادة عليه ، وهي لعمري أحد قوليه ، ثم استشهد بعرفة حجاجاً ، لأن من أخطأ فوقف بعرفة في اليوم العاشر ، أو في الثامن ثم لم يعلم حتى دخل في العاشر أن حجة مجزئ فكذلك الخطأ في القبلة

قلنا : بينهما فرقان يمنعان من تساوي حكمهما أحد الفرقين أن الخطأ بعرفة لا يؤمن