پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص74

راكباً ، أو ماشياً ، فأما الماشي فيجوز أن يتنفل إلى جهة سيره ، لأن المشي أشق من الركوب ، لكن عليه أن يستقبل القبلة في أربعة مواضع من صلاة أحدها عند الإحرام ، لقرب الأمر فيه حتى ينعقد ابتداء إلى القبلة

والثاني : في حال الركوع ، لأن الركوع هو فيه منقطع السير فاستوى عليه التوجه إلى القبلة والعدول عنها .

والثالث : عند السجود لأنه لا يجوز إذا كان على الأرض أن يومئ به فاستوى الأمران عليه في التوجه وغيره ، فلزمه أن يتوجه وإذا كان كذلك فعليه أن يبقى على التوجه في سجدته والجلسة التي بينهما ، لأنها إن كان لا يمكن فصلها بالقيام والسير ، وأما الرابع فهو وقت السلام ، وقد اختلف أصحابنا هل يلزمه استقبال القبلة فيه أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : وهو قول البصريين يلزمه التوجه عنده ، لأنه أحد طرفي الصلاة كالإحرام

والثاني : وهو قول البغداديين لا يلزمه ، لأن السلام خروج من الصلاة فكان أخف من أثناء الصلاة ، وهو في أثنائها لا يلزمه التوجه ، ففي حال الخروج منها أولى أن لا يلزمه التوجه ، وليس كذلك حال الإحرام لأنه ابتداء الدخول في الصلاة ، وبه تنعقد فكان حكمه أغلظ وهذا أصح الوجهين عندي فأما ما سوى هذه الأحوال من حال القراءة ، والتشهد ، والقيام الذي بين الركوع والسجود ، فيسقط فرض التوجه فيه كله ، فإن قيل : فهلا كان القيام بين الركوع والسجود يلزمه التوجه فيه كالجلسة التي بين السجدتين ؟ قلنا : مشي القائم يسهل فسقط عنه التوجه ليمشي فيه شيئاً من سفره قدر ما يأتي بالركن المسنون فيه ، ومشي الجالس لا يمكن إلا بالقيام ، وقيامه غير جائز ، فكان على حال التوجه فيه

( فصل )

: وأما الراكب فضربان

راكب سفينة

وراكب بهيمة

فأما راكب السفينة فلا يخلو من أحد أمرين إما أن يكون مسيراً لها كالملاح ، أو يكون جالساً فيها كالركاب ، فإن كان من ركابها جالساً لم يسقط عنه فرض التوجه ، ولم يجز أن يتنفل إلا إلى القبلة ، لأنه يقدر على استقبالها ولا ينقطع عن سيره ، وإن كان ملاحاً مسيراً للسفينة سقط عنه فرض التوجه في نافلته ، وجاز أن يصلي إلى جهة سيره ، لأنه لما سقط فرض التوجه عن الماشي ، لأن لا ينقطع عن السير وحده ، فالملاح أولى ، لأن لا ينقطع بالتوجه عن السير هو وغيره

فأما راكب البهيمة فضربان :

أحدهما : أنه يحتاج إلى حفظ نفسه في ركوبه كراكب السرج ، أو القتب لا يستقر عليه إلا أن يحفظ نفسه بفخذيه وساقيه فيجوز لمثل هذا أن يتنفل إلى جهة سيره راكباً ، ويكون