الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص38
فأما الفصل الأول : وهو الحكم في إسقاط الصلاة به .
فنقول : أما الحيض والنفاس فيسقطان فرض الصلاة لما ذكرنا في ‘ كتاب الحيض ‘ ، وأما الكفر إذا طرأ بالردة فلا يوجب سقوط الصلاة بخلاف قول أبي حنيفة ، وسيأتي الكلام معه من بعد في موضعه ، وأما الجنون فيسقط فرض الصلاة إجماعا لسقوط التكليف فيه ، وقوله ( ص ) : ‘ رفع القلم عن ثلاث : ذكر فيها المجنون حتى يفيق ‘ ، وأما الإغماء فيسقط فرض الصلاة إذا استدام جميع وقتها وإن كانت صلاة واحدة .
وقال أبو حنيفة : إن استدام أكثر من يوم وليلة حتى دخلت الصلاة في حد التكرار سقط فرضها ، وإن قصر عن اليوم والليلة حتى لم تدخل الصلاة في التكرار لم يسقط فرضها ولزم إعادتها استدلالا بأن عمار بن ياسر أغمي عليه أربع صلوات – الظهر ، والعصر ، والمغرب ، والعشاء ، – فلما أفاق قضاها قال : ولأن الخمس في حد القلة ، وليس في إعادتها مشقة ، والزيادة عليها في حد الكثرة ، وفي إعادتها مشقة قال : ولأن الإغماء لا يسقط فرض الصيام ، فوجب أن لا يسقط فرض الصلاة كالسكر .
ودليلنا ما رواه الدارقطني في كتابه عن عائشة أنها قالت : سألت رسول الله ( ص ) الرجل يغمى عليه فيترك الصلاة فقال : ‘ ليس بشيء من ذلك قضاء إلا أن يغمى عليه فيفيق في وقتها فيصليها ‘ ، هذا نص ، ولأن زوال العقل إذا لم يلزم معه قضاء المتروك في المدة الطويلة لم يلزم معه قضاء المتروك في المدة القصيرة كالجنون طردا ، والسكر عكسا ، ولأن كل صلاة لو مضى عليها وقتها في الجنون لم يقض فإذا مضى عليه وقتها في الإغماء لم يقض قياسا على ما زاد على اليوم والليلة طردا ، وكوقت الظهر عكسا ، ولأن كل معنى يسقط معه أداء الصلاة يسقط معه قضاء الصلاة ، كالصغر ، ولأن زوال العقل ضربان :
ضرب لا يسقط القضاء فيستوي قليل الزمان وكثيره كالسكر ، وضرب يسقط القضاء