پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص28

فأما الجواب عن حديث ابن عمر ، وأنس أن بلالا أذن قبل الفجر فأمره رسول الله ( ص ) أن ينادي على نفسه ألا إن العبد قد نام فمن وجوه :

أحدها : أنه يقدم به على الوقت المعتاد .

والثاني : أنه يقدم الإقامة ، لأنها تسمى آذانا .

والثالث : أنه أخر الآذان حتى صار مع طلوع الفجر بعد الوقت المعتاد ألا ترى إلى قوله : ‘ ألا إن العبد قد نام ‘ ، والنوم يقتضي التأخير لا التقديم .

وأما قياسهم على سائر الصلوات ، فالمعنى فيها تأهب الناس لها عند دخول وقتها لاستيفاء الظهر والصبح يدخل وقتهما ولم يتأهب الناس لها لتنومهم فافترقت الصبح مع غيرها من الصلوات .

وأما قياسهم على ما قبل نصف الليل فالمعنى فيه : أنه وقت العشاء الآخرة فلم يجز تقديم الأذان إليه ، فإن قيل : فالشافعي حين جوز تقديم الأذان لها قبل الفجر قال : وليس ذلك بقياس ، وأنتم قد جوزتم ذلك قياسا ففيه جوابان :

أحدهما : أنه لم يكن الأصل في تقديم الأذان القياس ، ولكن السنة ثم كان القياس تبعا ومؤكدا ، لأن ما ورد فيه نص لا يقال إنه حكم مأخوذ من القياس ، وإن كان القياس يقتضيه .

والثاني : أنه أراد وليس ذاك بقياس على سائر الصلوات وإن كان قياسا على غيرها لمنع ذاك من تقديم الأذان لغير الصبح .

( فصل )

: فإذا ثبت أن تقديم الأذان لها جائز فمن السنة أن يؤذن لها أذانين أذان قبل الفجر ، وأذان بعده ثم يقام لها عند تصور فعلها ألا ترى إلى قوله ‘ إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم ‘ ، ولا يحمل آذان ابن أم مكتوم على الإقامة ، لأن النبي ( ص ) قال : ‘ إنما يقيم من أذن ‘ .

( مسألة )

: قال الشافعي : ‘ ثم لا يزال وقت الصبح قائما بعد الفجر ما لم يسفر ‘ .

قال الماوردي : أما أول وقت الصبح فهو طلوع الفجر ، والفجر هو ابتداء تنفس الصبح قال الله تعالى : ( والصبح إذا تنفس ) [ التكوير : 18 ] وقال الشاعر :

( حتى إذا الصبح لها تنفسا
وأنجاب عنها ليلها وعسعسا )