الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص24
والثاني : أن الاسم إذا تناول شيئين على سواء كان حمله على أشهرهما أولى ، والأحمر من الشفقين أشهر في اللسان والعرب تقول : صبغت ثوبي شفقا وقيل : في قوله تعالى : ( فلا أقسم بالشفق ) [ الانشقاق : 16 ] أنه الحمرة قال الشاعر :
وروى حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير قال : أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة صلاة العشاء الآخرة كان رسول الله ( ص ) يصليها لسقوط القمر لثلاثة ‘ . ومعلوم أن القمر يسقط في الثالثة قبل الشفق الأبيض .
وروى سليمان بن موسى عن عطاء عن جابر أن النبي ( ص ) صلى عشاء الآخرة قبل غيبوبة الشفق ، وبالإجماع أنها لا تجوز قبل الأحمر فثبت أنه صلاها بعد الأحمر وقبل الأبيض .
وروى مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ( ص ) قال الشفق الحمرة فإذا غاب الشفق فقد وجبت الصلاة ، والشافعي رواه موقوفا عن ابن عمر وقد أسنده غيره ، ولأن إجماع أهل الأعصار في سائر الأمصار أنهم على إقامتها عند سقوط الأحمر لا يتناكرونه بينهم ولا يختلفون في فعله مع اختلافهم ، ولأن الشفق الأبيض قد روعي في بعض الأزمان وبعض البلدان فوجد لابثا إلى طلوع الفجر فروي عن الخليل بن أحمد أنه قال : راعيته فلم يغب حتى طلع الفجر . وكان يتنقل من جو إلى جو ، وحكى أبو عبيد عمن حدثه إذا راعاه في جبال اليمن فلم يغب حتى طلع الفجر وإذا كان الأبيض بهذه الحال لم يجز أن يكون وقتا لصلاة ، ولأن الطوالع ثلاثة الفجران ، والشمس ، والغوارب ثلاثة الشفقان ، والشمس ، فلما وجبت صلاة الصبح بالطالع الأوسط وهو الفجر الصادق اقتضى أن تجب العشاء بالغارب الأوسط – وهو الشفق الأحمر – ولأن صلاة الصبح من صلاة النهار وصلاة العشاء من صلاة الليل ، فلما وجبت الصبح بأقرب الفجرين من الشمس اقتضى أن تجب العشاء الشفقين من الشمس ، ولأنها صلاة تجب بانتقال أحد النيرين فوجب أن تتعلق بأنورهما كالصبح .
وأما الآية فتأويل الغسق مختلف فيه فأحد تأويليه أنه إقبال الليل ودنوه فسقط الدليل بهذا التأويل .