الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص436
قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وأكثر النفاس ستون يوماً ‘ .
قال الماوردي : أما النفاس فهو دم يرخيه الرحم في حال الولادة ، وبعدها مأخوذ من قولهم فلان قد نفس الدم إذا أخرجه ، وتنفس النهار إذا طال ، وتنفس الصبح إذا ظهر قال الله تعالى : ( وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّس ) ( التكوير : 18 ) أي ظهر ، والنفاس كالحيض فيما يتعلق به من أحكام الحيض ، وهي السبعة المذكورة فيما يحرم بالحيض من الصلاة والصيام والطواف ودخول المسجد ومس المصحف وقراءة القرآن ووطء الزوج ، ومخالف له في ثلاثة أشياء :
أحدها : أن الحيض قد يكون بلوغاً من الصغيرة والنفاس لا يكون بلوغاً ، وإنما يكون البلوغ بما قبله من الحمل .
والثاني : أن الحيض يكون استبراء في العدة ، والنفاس لا يكون استبراء في العدة .
والثالث : أن قدر النفاس مخالف لقدر الحيض في اقله وأكثره وأوسطه .
أحدهما : وهو قول أبي العباس وجميع البغداديين أنه محدود الأقل بساعة ، وبه قال محمد بن الحسن وأبو ثور .
الثاني : وهو قول البصريين أنه لا حد لأقله ، وإنما ذكر الساعة تقليلاً وتفريقاً لا أنه جعلها حداً ، وأقله مجة من دم ، وبه قال مالك والأوزاعي وأحمد وإسحاق ، وقال أبو حنيفة : أقل النفاس خمسة وعشرون يوماً .
وقال أبو يوسف أقله أحد عشر يوماً ، وقال سفيان الثوري أقله ثلاثة أيام ، وكل هذه الحدود ليس فيها نص ، ولا قياس على أصل ، وإنما وجد قائلوها نساء كان أقل نفاسهن ما ذكروا فجعلوه حداً مستحسناً ، وليس هذا دليلاً على من وجد أقل من حدهم ، وقد وجد نساء كان نفاسهن أقل من هذه الحدود .
روي أن امرأة ولدت على عهد رسول الله ( ص ) ولم تر معه دماً فسميت ذات الجفاف .
وروى أبو أمامة أن النبي ( ص ) قال إذا طهرت النفساء حين تضع صلت وهذا نص .
وقال أبو حنيفة : أكثره أربعون يوماً ، وحكى الأوزاعي عن أهل دمشق أن أكثر النفاس من الغلام ثلاثون يوماً ومن الجارية أربعون يوماً ، وكل منهم رجع فيما ذكره من الحد إلى ما