الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص409
والقول الثاني : أنه طهر مشكوك فيه لإمكان الحيض فيه مع وجود الدم ، وهذا اختيار أبي العباس ، فتصلي ولا تقضي وتصوم وتقضي ؛ لأن الحائض يلزمها قضاء الصيام ولا يلزمها قضاء الصلاة فأمرت بالصلاة والصيام ؛ لجواز أن تكون طاهراً ، وأمرت بقضاء الصوم ، خوفاً من أن تكون حائضاً ، ويمنع الزوج من إتيانها ، وكذا تمنع من القراءة وحمل المصحف ودخول المسجد فهذا حكم المبتدأة .
أحدها : أن تكون ناسية لقدر حيضها ووقته .
القسم الثاني : أن تكون ناسية لقدر حيضها ذاكرة لوقته .
والقسم الثالث : أن تكون ناسية لوقت حيضها ذاكرة لقدره .
فأما القسم الأول وهو الناسية لقدر حيضها ووقته ، فصورته في امرأة اتصل دمها واستدام وهو على صفة واحدة لا يتميز ولها عادة في الحيض سالفة ، قد نسيت قدرها ، ولا تعلم هل كان يوماً أو خمساً أو عشراً أو خمسة عشر ، ونسيت وقتها فلا تعلم هل كان في أول الشهر أو وسطه أو في آخره ؟ هل كانت تحيض في كل شهر أو شهرين أو في كل سنة أو سنتين ، فهذه يسميها أصحابنا المتحيرة لإشكال أمرها وترددها بين أمرين متباينين ، وإذا كان كذلك ، فقد كان بعض أصحابنا يغلط في هذه المسألة فيخرجها على قولين كالمبتدأة لما اشتبه عليه كلام الشافعي حيث يقول في كتاب العدد ‘ وإذا ابتدأت مستحاضة أو نسيت أيام حيضها تركت الصلاة لأقل ما تحيض له النساء ، وذلك يوم وليلة ‘ فظن أنه أراد هذه الناسية وهذا غير صحيح ؛ لأن أول زمان حيضها مجهول ، فلا معنى لاعتبار الاجتهاد مع الجهل بالزمان ، ولأصحابنا عما ذكره الشافعي في كتاب العدد جوابان :
أحدهما : أنه جمع بين المبتدأة والناسية ، وعطف بالجواب عليهما مريداً للمبتدأة دون الناسية وكثيراً ما يفعل الشافعي مثل هذا .
والجواب الثاني : أنه أراد الناسية لقدر حيضها إذا كانت ذاكرة لوقته على ما سنذكره .
فأما الناسية للأمرين قدراً ووقتاً ، فهي مجهولة الحيض والطهر ، وهي في محظورات الحيض على ثلاثة أقسام .
قسم يجب عليها اجتنابه ، وقسم يجب عليها فعله ، وقسم يختلف فيه .
فأما القسم الذي يلزمها اجتنابه فهو حمل المصحف أو دخول المسجد وقراءة القرآن