الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص390
فأما الطاهر فهي التي ترى النقاء ومعناه أن تستدخل القطن فيخرج نقياً . وأما الحائض : فهي التي ترى الدم في زمان يكون حيضاً وأما المستحاضة : فهي التي ترى الدم في أثر الحيض على صفة لا تكون حيضاً . وأما ذات الفساد : فهي التي تبتدئ بدم لا يكون حيضاً . وإذا كان النساء بهذه الأحوال فالطاهر منهن يتعلق عليها حكم الطهر ، والحائض يتعلق عليها حكم الحيض . وأما المستحاضة فينقسم حالها أربعة أقسام :
أحدها : أن تكون مميزة .
والثاني : أن تكون معتادة .
والثالث : أن تكون صاحبة تمييز وعادة .
والرابع : أن لا يكون لها تمييز ولا عادة .
وقال أبو حنيفة : لا اعتبار بالتمييز وترد إلى عادتها استدلالاً بحديث أم سلمة أن النبي ( ص ) قال : ‘ لتنظر عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فلتترك الصلاة قدر ذلك الشهر ‘ قال : ولأن الدم قد يوجد فيكون حيضاً وقد يوجد فلا يكون حيضاً مع كونه متميزاً أو أيام العادة إذا قاربها الدم لا يكون إلا حيضاً ، ودليلنا حديث فاطمة بنت أبي حبيش أن النبي ( ص ) قال لها : ‘ إذا كان دم الحيض فإنه أسود يعرف فإذا كان ذلك فامسكي عن الصلاة ‘ فردها إلى تمييزها واعتبار لونه وروى ابن عباس عن النبي ( ص ) أنه قال للحائض دفعات ولدم الحيض ريحٌ ليس لغيره فإذا ذهب قدر الحيض فلتغتسل ولأن الحيض متعلق بدم وأيام فوجب أن يقدم الدم على الأيام كالعدة تقدم الأقراء على الشهور . ولأن ما خرج من مخرج واحد إذا التبس وأمكن تمييزه بصفاته كان التمييز بصفاته أولى كالمني والمذي . وأما الجواب عن حديث أم سلمة فهو أنه وارد في المعتادة دون المميزة . وحديث فاطمة بنت أبي حبيش وارد في المميزة دون المعتادة فتستعمل الخبرين فيما وردا فيه ولا يسقط أحدهما بالآخر .
وأما الجواب عن أيام العادة أنها لا تكون إلا حيضاً فكان أولى من اعتبار الدم فهو أنه استدلال فاسد ؛ لأن أيام العادة قد توجد خالية من الدم فلا يكون حيضاً فكيف يجوز أن