الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص370
قال الماوردي : وإنما خص اليمنى بالأعلى واليسرى بالأسفل لأمرين :
أحدهما : أن عائشة روت ، وقالت كانت يمنى رسول الله ( ص ) لما علا ، فدل على أن يسراه لما سفل .
والثاني : أن ابن عمر هكذا كان يمسح ، واختلف أصحابنا هل من السنة مع مسح الأعلى والأسفل أن يمسح حول العقب على وجهين :
أحدهما : وهو ظاهر ما رواه المزني هاهنا أن مسحه ليس بمسنون وهو قول أبي العباس بن سريج لحديث المغيرة .
والوجه الثاني : وقد نص عليه الشافعي في مختصر الطهارة الصغرى أن مسحه مسنون ، وهو قول أبي إسحاق المروزي ، لأنه من بقايا محل الفرض ، فلو مسح الأعلى باليسرى والأسفل باليمنى لكان مخالفاً للأدب في الفعل ومؤدياً لسنة المسح .
قال الماوردي : اعلم أن للمسح على الخفين أربعة أحوال :
أحدها : حال كمال وهو أن يمسح أعلى الخف وأسفله على ما مضى .
والحال الثانية : حال إجزاء ، وهو أن يمسح أعلى الخف دون أسفله .
والحال الثالثة : حال لا كمال فيها ولا إجزاء وهو أن يمسح ما فوق الكعبين من ساق الخف .
والحال الرابعة : مختلف فيها ، وهو أن يمسح أسفل الخف دون أعلاه فالذي نقله المزني عن الشافعي أنه لا يجزئه ، فاختلف أصحابنا فكان أبو العباس ، وطائفة من أصحابنا يزعمون أنه هو المذهب ، وأن مسحه لا يجزئ وكان أبو إسحاق يذهب إلى جوازه ، ويزعم أنه مذهب الشافعي وأن المزني لم يحكه نصاً ، وإنما أخذه من دليل كلامه ؛ لأنه قال : ولو مسح على الظاهر ، وترك الباطن ، أجزأه ، فظن بدليل كلامه أن مسح باطنه دون ظاهره لا يجزئ فكان أبو علي بن أبي هريرة يخرجه على قولين :
أحدهما : لا يجزئ وهو قول أبي حنيفة واختيار أبي العباس بقول علي بن أبي طالب لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه . وقد رأيت رسول الله ( ص ) يمسح على ظاهر خفه ، ومعنى قوله : ‘ لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه ‘ لأنه يلاقي الأنجاس ، فكان مسحه لإزالة ما لاقى من النجاسة أولى ، لكن الرأي متروك بالنص .
والقول الثاني : يجزئ مسحه وهو قول أبي إسحاق ؛ لأنه يقابل مسح الفرض