پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص344

والضرب الثاني : أن لا يتميز عن الماء كالخل واللبن فينظر حال الماء فإن غير المائع لونه أو طعمه أو رائحته فهو غير مطهر ؛ لغلبته عليه ، وإن لم يغيره ، نظر فإن كان المائع أقل من الماء كان الماء مطهراً ؛ لغلبته بالكثرة وإن كان المائع أكثر من الماء فالماء غير مطهر لغلبة المائع عليه بكثرته ، وأما الجامد فضربان : مذرور ، وغير مذرور ، فإن كان غير مذرور كالعود والصندل وغيره من ذي ريح ذكي أو غير ذكي فالماء مطهر ، وإن تغير به ، لأنه تغير عن مجاورة ، وإن كان مذروراً كالزعفران والعصفر والحنا فإن تغير به لون الماء أو طعمه أو رائحته ، لأن تغييره لاختلاط ممازجة ، وإن لم يتغير لون الماء ولا طعمه ولا رائحته فهو مطهر ، ويجوز استعماله ما لم ينجس به الماء ، ويخرج عن طعمه في الرقة ، والصفا ، ولا فرق فيما ذكرنا من مخالطة الطاهرات بالماء بين أن يكون قلتين أو أقل بخلاف النجاسة . والفرق بين اعتبار القلتين في النجاسة ، وترك اعتبارهما في مخالطة الأشياء الطاهرة من ثلاثة أشياء :

أحدها : أن النجاسات لما سلبت الماء صفتيه في الطهارة والتطهير ضعف قليل الماء عن دفعها حتى يكثر ، ولما كانت المائعات تسلب الماء التطهير دون الطهارة قوي قليل الماء على دفعها وإن لم يكثر .

والثاني : أن حكم النجاسات لما تعدى إلى غير الماء تغلظ حكمها في الماء ولم يتعد حكم المائعات إلى غير الماء ضعف حكمها في الماء .

والثالث : أن التحرز من المائعات متعذر ، فخف حكمها في مخالطة الماء والتحرز من النجاسة أمكن فغلظ حكمها في مخالطة الماء .

( مسألة )

: قال الشافعي : ‘ وإذا كان معه في السفر إناآن يستيقن أن أحدهما نجسٌ ، والآخر لم ينجس تأخي وأراق النجس على الأغلب عنده وتوضأ بالطهارة لأن الطهارة تمكن ، والماء على أصله طاهرٌ ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال : وإذا كان معه إناآن أو أكثر ، وبعضها طاهر ، وبعضها نجس ، وقد أشكل عليه الطاهر من النجس فعليه أن يتحرى فيها ويجتهد ، ويستعمل ما أداه اجتهاده إلى طهارته ، وقال أبو إبراهيم المزني وأبو ثور : ولا يجوز أن يجتهد بل يتيمم ويصلي ، ولا إعادة عليه ، وقال عبد الملك الماجشون : يتوضأ بكل واحد منهما ويصلي بعد التوضي صلاة لا يعيدها ، وقال محمد بن مسلمة القعنبي صاحب مالك : يتوضأ بأحدهما ويصلي ثم يتوضأ بالآخر ويعيد تلك الصلاة ، فأما المزني فاستدل بأن اشتباه الطاهر بالنجس كاشتباه الماء بالبول ، ثم لم يجز أن يجتهد في اشتباه الماء بالبول ، فكذلك لا يجتهد في اشتباه الطاهر بالنجس ، واستدل ابن الماجشون وابن مسلمة بأنه إذا استعملها كان على يقين