پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص323

أكل ، وإن كان بغير سبب لم يؤكل ، وللكلام معه موضع غير هذا ، فأما دم الحوت فقد اختلف أصحابنا فيه على وجهين :

أحدهما : نجس كسائر الدماء ، وينجس ما وقع فيه .

والوجه الثاني : أنه طاهر ، لا ينجس ما أصابه ؛ لأن الحوت لما باين سائر الأموات باين دمه سائر الدماء .

والقسم الثاني : من حيوان البحر ما اتفق على تحريمه وهو الضفدع لنهي النبي ( ص ) عنه ، وكذلك سائر ذوات السموم كحيات الماء وعقاربه ، فهذه كلها محرمة الأكل ، وهي إذا ماتت نجسة ، وهل ينجس الماء بموته فيه أم لا ؟ على ما مضى في القولين ، وقال أبو حنيفة : إنها طاهرة ، وإن كانت محرمة ، ولا ينجس الماء بموتها على أصله فيما لا نفس له سائلة ، وقد مضى الكلام معه فيه .

والقسم الثالث : ما اختلف في إباحته ، وهو ما سوى الحوت المباح ، وذوات السموم المحرمة من دواب الماء وكلابه وخنازيره وسباعه فقد علق الشافعي القول فيه ما سنشرحه في موضعه ، فاختلف أصحابنا فيه على ثلاثة مذاهب :

أحدها : أن جميعه حرام ما لم يكن حوتاً لقوله ( ص ) : ‘ أحلت لنا ميتتان ‘ فذكر الحوت والجراد فدل على أن ما سوى الحوت ليس بحلال .

والثاني : أن جميعه حلال لقوله ( ص ) في البحر : ‘ هو الطهور ماؤه الحل ميتته ‘ فكان على عمومه في جميع ميتته .

والثالث : أم ما أشبه محرمات البر كالكلاب والخنازير والحمر والسباع كان حراماً ، وما أشبه المأكول منه مثل دواب الماء وبقره كان حلالاً ، فعلى هذا إذا قلنا : بإحلال ذلك ، فهو طاهر بعد موته ، والماء الذي مات فيه طاهر ، وإذا قلنا : أنه حرام ، كان نجساً بعد موته ، وهل ينجس ما مات فيه ؟ على قولين : وقال أبو حنيفة : ليس بنجس ولا ينجس والله أعلم بالصواب .

( مسألة : لعاب الحيوان وعرقه )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولعاب الدواب وعرقها قياساً على بني آدم ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال : كل حيوان طاهر فلعابه وعرقه طاهر ، سواء كان مأكولاً أو غير مأكول .

وقد قال أبو حنيفة : ما كان غير مأكول فلعابه وعرقه نجس ، على ترتيب ما قاله في نجاسة سؤره بناء على ذلك الأصل ، ثم استدلالاً بأنه بلل منفصل من حيوان غير مأكول فوجب أن يكون نجساً قياساً على لبنه .