الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص313
وقد سألته عن دم الحيض يصيب الثوب ‘ حتيه ثم اقرصيه بالماء ‘ ولم يوقت لها في ذلك ثلاثاً ولا سبعاً ، وقال في بول الأعرابي : ‘ صبوا عليه ذنوباً من ماءٍ ‘ ، ولأن التكرار لما لم يزل في الحدث مستحقاً فأحرى أن لا يكون في النجاسة مستحقاً ، ولأنها نجاسة لم يرد الشرع بأنه يجمع فيها بين الطهورين ، فلم تستحق العدد ، وتطهيرها كالأعيان ، لأن أبا حنيفة يعتبر العدد في النجاسة التي هي أثر ، ولا يعتبره في النجاسة التي هي عين ، ولأنها نجاسة متولدة عن أصل طاهر فلم يستحق فيها العدد كدم الشاة فإذا ثبت أن الواجب مرة ، فالمستحب غسله ثلاثاً لقوله ( ص ) : ‘ إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلهما ثلاثاً ‘ فلما أمر بالثلاث مع الشك في النجاسة ، كان الأمر بها مع نفس النجاسة أولى .
فإذا ثبت ما وصفنا في النجاسة من وجوب غسلها مرة واستحباب غسلها ثلاثاً ، فلا يخلو حال النجاسات من أربعة أقسام :
أحدها : أن لا يكون لها لون ولا رائحة كالماء القليل إذا حصلت فيه نجاسة ثم أصاب الماء ثوباً ، فالواجب غسله مرة يغمره الماء فيها فيطهر .
والقسم الثاني : أن يكون لها لون ورائحة كالخمر والغائط فالواجب غسله حتى يزول لونه ورائحته ، فإن لم يزولا بالمرة غسله ثانية ، فإن لم يزولا غسلة ثالثة ورابعة ، فإن زال اللون دون الرائحة أو زالت الرائحة اللون فهو على نجاسته ، حتى تزول الصفتان اللون والرائحة .
والقسم الثالث : أن يكون لها رائحة وليس لها لون كالبول فالواجب أن يغسل حتى تزول رائحته إما بمرة أو بأكثر اعتباراً بحال زوالها ، فإذا زالت رائحته طهرت .
والقسم الرابع : أن يكون لها لون وليس لها رائحة كالدم فالواجب أن تغسل حتى يزول لونها بمرة أو مرار فإن زال اللون ، وبقي الأثر فإن تيسر زواله من غير مشقة فالنجاسة باقية حتى يزول الأثر ، فإن تعذر زواله إلا بمشقة خالية من علاج أو صنعة كالأثر كان الأثر معفواً عنه ، وحكم بطهارة المحل ، بخلاف ما وهم فيه بعض أصحابنا حيث حكم ببقاء نجاسته لبقاء أثره لرواية يزيد أبي حبيب عن عيسى بن طلحة عن أبي هريرة أن خولة بنت