الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص309
فإذا ثبت وجوب غسله سبعاً فالتراب لها مستحق في واحدة من جملتها ولا يلزم إفراده عنها وقال الحسن البصري وأحمد بن حنبل : يجب إفراد التراب عن السبع بثامنة لرواية عبد الله بن المغفل أنه ( ص ) قال : ‘ وعفروا الثامنة بالتراب ‘ .
ودليلنا رواية علي أن النبي ( ص ) قال : ‘ فليغسله سبع مرات إحداهن بالبطحاء ‘ ، ورواية أبي هريرة أنه قال : ‘ فاغسلوه سبعاً أولاهن أو آخراهن بالتراب ‘ .
فأما حديث عبد الله بن المغفل فقد قال الشافعي هو حديث لم يقف على صحته ، ثم لو صح لكان محمولاً على أحد أمرين إما أن يكون جعلها ثامنة ؛ لأن التراب جنس بمنزلة الماء فجعل اجتماعهما في المرة الواحدة معدودة باثنين وإما أن يكون محمولاً على من نسي استعمال التراب في السبع فيلزمه أن يعفره في ثامنه ، وإذا ثبت أن التراب في واحدة من جملة السبع ، فلا فرق بين أن يكون في الأولى والآخرة ، أو ما بينهما من الأعداد ، لأنه لما نص على الطرفين كان حكم الوسط ملحقاً بأحدهما ، واختلف أصحابنا في قدر ما يلزمه استعماله من التراب على وجهين :
أحدهما : أنه يستعمل منه ما ينطلق اسم التراب عليه من قليل أو كثير لورود الخبر بإطلاقه .
والوجه الثاني : أنه يستعمل منه ما يستوعب لمحل الولوغ ؛ لأنه ليس موضع منه باستعمال التراب فيه بأخص من موضع فلزم استيعاب جميعه .
فأما المنفصل من الماء في الغسلات السبع إذا أفردت كل غسلة منهن وميزت فقد اختلف فيه أصحابنا على ثلاثة مذاهب :
أحدها : وهو مذهب أبي القاسم الأنماطي أن جميعه نجس بناء على أصله في أن ما أزال النجاسة نجس .
والوجه الثاني : وهو مذهب أبي القاسم الداركي وطائفة أن جميعه طاهر ؛ لأنه ماء مستعمل ، ولكل غسل حظ من تطهير الإناء .
والوجه الثالث : وهو قول أبي إسحاق المروزي وجمهور أصحابنا أن ماء الغسلة السابعة طاهر ؛ لأن بها طهر الإناء ، وما قبل السابعة ، من الأولى إلى السادسة نجس لانفصاله