الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص306
بتنجيس المحل على ما طرأ عليه من نجس ، وقد تزول عن المحل بعد أن نجس ونجاسة الكلب ليست لطرو نجاسة ولا تزول عنه بغسل النجاسة ، فدل على أن عينه نجسه ، فإذا تقرر نجاسة عينه ونجاسة ولوغه ، فقد قال الشافعي ، وعليه أن يهريقه فاختلف أصحابنا هل إراقته واجبة والانتفاع به محرم فذهب بعضهم إلى التمسك بظاهر هذا الكلام وأوجب إراقته وحرم الانتفاع به استدلالاً بقوله ( ص ) : ‘ إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فأريقوه ‘ ولأنه لما كان الانتفاع بأجزاء الكلب كلها محرماً كان الانتفاع بما تعدت إليه نجاسة محرماً ، وقال جمهورهم إن إراقته لا تجب ، وإنما تستحب والانتفاع به من وجه مخصوص لا يحرم ، لأنها نجاسة طرأت على عين طاهرة ، فلم تكن المنفعة بها محرمة كالميتة ، ويكون معنى قوله فأريقوه ليتوصل بالإراقة إلى غسله لا لوجوب استهلاكه وهذا أصح .
قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ويغسل منه الإناء سبع مراتٍ أولاهن بترابٍ كما قال رسول الله ( ص ) ‘ .
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا نجس الإناء بولوغ الكلب وجب غسله سبع مرات فيهن مرة بالتراب ، وبه قال مالك وداود . وقال أبو حنيفة يغسل ثلاثاً بغير تراب كسائر الأنجاس استدلالاً برواية عبد الوهاب بن الضحاك عن إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي ( ص ) قال في الكلب يلغ في الإناء يغسل ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً . قال : فلو كان السبع واجباً لم يخير بينه وبين الثلاث ، وروى عبد الملك عن عطاء عن أبي هريرة أنه قال : إذا ولغ الكلب في إناءٍ فأهرقه ثم اغسله ثلاث مراتٍ ، قال : ولأنها نجاسة يجب إزالتها فوجب أن يكون العدد غير مستحق فيها كسائر الأنجاس ، قال : ولأن كل عدد لا مدخل له في رفع الحدث لم يكن له مدخلاً في إزالة النجس قياساً على ما زاد على السبع ، قال : ولو كان غسله سبعاً واجباً لما صار الإناء بإلقائه في النهر طاهراً ، وقد اتفقوا على أنه يطهر فدل على أن السبع لا تجب .