الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص294
أحدهما : أنه يزيل النجاسة وليس كذلك الثوب . والثاني : أنه يدفع كثير النجاسة عن نفسه إذا كثر ، وليس كذلك الثوب .
فكذلك نجس الثوب بما يدركه الطرف ، أو لا يدركه ، ولم ينجس الماء إلا بما يدركه الطرف دون ما لا يدركه .
والطريقة الثانية : وهي طريقة أبي العباس بن سريج أن الماء والثوب جميعاً ينجسان بما لا يدركه الطرف ويكون دليل خطاب الشافعي في الماء متروكاً بصريح نفسه في الثوب ، وتكون فائدة قوله فكانت مما يدركها الطرف – يعني – إذا كانت متيقنة ، ولم يكن مشكوكاً فيه فعبر بإدراك الطرف عن اليقين .
والطريقة الثالثة : وهي طريقة أبي إسحاق المروزي أن في تنجيس الماء والثوب بما لا يدركه الطرف قولين على حسب اختلاف كلامه في الموضعين أحد القولين أن الماء والثوب معاً ينجسان بما لا يدركه الطرف من النجاسة ؛ لأنها نجاسة يمكن التحرز عنها فاقتضى أن ينجس بها ما لاقاها قياساً على ما يدركه الطرف ، وهذا صريح نصه في الثوب أن الماء والثوب طاهران معاً لا ينجسان بما لا يدركه الطرف لأنها نجاسة يشعر التحرز منها وإن أمكن فشابهت دم البراغيث المعفو عنه ، وهذا دليل نصه في الماء .
والطريقة الرابعة : وهي طريقة أبي علي بن أبي هريرة أن الماء أغلظ حكماً من الثوب فيكون الماء نجساً ، وهل ينجس الثوب أم لا ؟ على قولين : والفرق بين الماء والثوب من ثلاثة أوجه :
أحدها : أن الثوب لا يمكن الاحتراز من حلول هذه النجاسة فيه لبروزه ، والماء لا يمكن الاحتراز من حلولها فيه بتخمير إنائه ومن أجل ذلك قال النبي ( ص ) وقد رأى إناءً مخمراً : من خمره ؟ فقيل ابن عباسٍ فقال : ‘ اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ‘ .
والثاني : أن يسير دم البراغيث يعفى عنه في الثوب ولا يعفى عنه في الماء فاقتضى أن يكون حكم الثوب أخف من حكم الماء .
والثالث : أن الذباب إذا طار عن النجاسة جفت قبل سقوطه على الثوب فصار تنجيسه