پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص268

( فصل )

: وأما أبو حنيفة فاستدل على أن التيمم لا يجب عليه لقوله تعالى : ( وَإِنْ كُنْتُم مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ ) ( المائدة : 6 ) . وهذا ليس بمريض ولا مسافر ، قال : ولأنه تيمم لا يسقط به الفرض فوجب أن لا يلزمه كالتيمم بالتراب النجس ، ولأنه مقيم سليم فلم يلزمه التيمم كالواجد للماء ، ولأنها صلاة لا تؤدى فرضاً ، فلم يلزم فعلها كصلاة الحائض .

ودليلنا قوله تعالى : ( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا ) ( المائدة : 6 ) وهذا غير واجد للماء ، ولأن النبي ( ص ) أمر أبا ذر أن يتيمم بالربذة إذا عدم الماء وكانت وطناً ، ولأنه مكلف إدراك الوقت فوجب أن يلزمه التيمم عند عدم الماء كالمسافر ، ولأن كل معنى لو حدث في السفر أوجب التيمم فإذا حدث في الحضر أوجب التيمم كالمرض ، ولأن كل عجز لو حصل في شروط الصلاة لم يسقط فعلها في السفر فإنه لا يسقط فعلها في الحضر ، كالعجز عن القيام والثوب ، ولأنها صلاة عجز عن فعلها بالماء فجاز له فعلها بالتراب ، كصلاة الجنازة والعيدين .

فأما الجواب عن قوله : ‘ وإن كنتم مرضى أو على سفر ‘ فإنما جعل السفر شرطاً في سقوط الفرض لا في جواز التيمم ، وأما الجواب عن قياسهم على التراب النجس فهو أن المعنى في التراب النجس أنه لما يلزم استعماله في السفر له يلزم استعماله في الحضر .

وأما قياسه على الواجد للماء فالمعنى فيه : أنه لما لزمه أعلى الطهارتين سقط عنه أدناهما ، وليس كذلك العادم .

وأما الجواب عن قياسهم على الحائض فهو أن الحائض لما لم يلزمها فرض لم يلزمها النفل ، وليس كذلك العادم ، ثم لا يلزم أن يكون الاتيان بالمأمور دليلاً على أنه جميع التكليف ، ألا ترى أن من أصبح لا يرى أن يومه من رمضان ثم علم أنه من رمضان فإنه يصوم ويقضي ولو أفسد حجه مضى فيه وقضاه .

( فصل )

: فأما العادم للماء والتراب معاً فوجب عليه أن يصلي لحرمة الوقت ويعيد إذا قدر على الماء مسافراً كان أو حاضراً ، فيكون فعلها في الحال واجباً وإعادتها واجبة ، وقال في القديم والإملاء : يصلي في الحال استحباباً ويعيدها واجباً ، وقال أبو حنيفة : لا يلزمه أن يصلي ولا يستحب له حتى يقدر على الطهارة فيتطهر ويصلي ، استدلالاً بقوله ( ص ) : ‘ مفتاح الصلاة الوضوء ‘ فاقتضى أن لا يجوز افتتاحها بغير وضوء قال : ولأن عدم الطهارة أصلاً وبدلاً يمنع من انعقاد الصلاة كالحائض : قال : ولأن كل صلاة لم يسقط عنه الفرض بفعلها لم يلزمه الاتيان بها كالمحدث مع وجود الماء .

ودليلنا قوله تعالى : ( أَقِمِ الصَّلاَةِ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ ) ( الإسراء : 78 ) ولم يفرق ، ولأنه مكلف بالصلاة عدم شرطاً من شرائطها فوجب أن يلزمه فعلها كالعريان ،