الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص266
الصلاة على الفور من غير تأخير إلا بقدر أذانه وإقامته والتنفل بما هو من مسنونات فريضته ، فإن أخرها عن ذلك متى تراخى به الزمان بطل تيممه وإنما استحق تعجيل الصلاة بعد تيممه ؛ لأنها طهارة ضرورة فكانت كطهارة المستحاضة يلزمها تعجيل الصلاة عقيب طهارتها .
والوجه الثاني : وهو الظاهر من مذهب الشافعي وقد نص عليه في بعض كتبه أنه يجوز تأخيرها ولا يلزم تعجيلها بخلاف طهارته المستحاضة ؛ لأن حدث المستحاضة يتوالى عقيب الطهارة فبطلت طهارتها بالتأخير ، وليس بعد التيمم حدث فمنع من التأخير .
قال الماوردي : وهذا صحيح لا يخلو حال من عدم الماء من حالين إما أن يكون في سفر أو حضر ، فإن كان في سفر ففرضه التيمم ، وصلاته به مجزئه ولا إعادة عليه فيها ، وسواء كان سفره طويلاً أو قصيراً .
وقال بعض الفقهاء : لا يجوز التيمم إلا في سفر محدود ، ويجوز فيه القصر ، وقد حكاه البويطي عن الشافعي ، وليس ذلك مذهباً له بل هو منصوص في جميع كتبه ، ورواه عنه جمهور أصحابنا أن التيمم يجوز في طويل السفر وقصيره ، ولعل حكاية البويطي إن صحت محمولة على أن الشافعي حكاه عن غيره ، والدليل على جوازه في كل سفر طويل أو قصير عموم قوله تعالى : ( وَإنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ ) ( المائدة : 6 ) وروى عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن النبي ( ص ) كان يتيمم بموضعٍ يقال له مربض النعم ، وهو يرى بيوت المدينة ، ولأن عدم الماء قد يوجد في قصير السفر كما يوجد في طويله ، فاقتضى جواز التيمم لأجله في الحالين .
وجملة الرخص المختصة بالسفر ستة تنقسم على ثلاثة أقسام :
قسم منها لا يجوز إلا في سفر محدود قدر ستة عشر فرسخاً وهو ثلاثة أشياء القصر ، والفطر ، والمسح على الخفين ثلاثاً .
وقسم يجوز في طويل السفر وقصيره وهو شيئان التيمم والتنفل على الراحلة أينما توجهت به .