الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص258
أبو ثور يجوز أن يجمع به بين الفوائت ، ولا يجوز أن يجمع بين المؤقتات واستدلوا بقوله ( ص ) لأبي ذر : ‘ الصعيد الطيب طهور من لم يجد الماء إلى عشر سنينٍ ‘ فجعله طهوراً مستداماً ، ولأنها طهارة يجوز أن يؤدى بها النفل ، فجاز أن يؤدى بها الفرض كالوضوء ، ولأن ما جاز أن يؤدى بالوضوء جاز أن يؤدى بالتيمم كالنوافل ، ولأنها طهارة ضرورة فلم تختص بفرض واحد كالمسح على الخفين ولأنه لو أعاد التيمم لكل فرض للزمه أن يتطهر للحدث الواحد مراراً ، وذلك خلاف الأصول في الطهارات .
ودليلنا قوله تعالى : ( إِذَا قُمْتُمْ إَلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ) ( المائدة : 6 ) ، إلى قوله : ( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيَّباً ) ( المائدة : 6 ) فكان الظاهر موجباً أن يتوضأ لكل صلاة فإن لم يجد الماء تيمم لها ، فلما جاء النص بالوضوء بجواز الجمع بين الصلوات نفى حكم التيمم على موجب الظاهر ، ولأنها طهارة ضرورة فلم تتسع لأداء فرضين كالمستحاضة في وقتين ، ولا يدخل عليه المسح على الخفين ، لأنها طهارة رخصة ولأنها صلاة فريضة لم يحدث لها وضوءاً ، فوجب أن يحدث لها بعد الطلب تيمماً كالفرض الأول ، ولأنه شرط من شرائط الصلاة في حال الضرورة ، فوجب أن يلزم إعادته في كل فريضة كالمجتهد في القبلة ، ولأنها طهارة بدل قصرت عن أصلها فعلاً ، فوجب أن يقصر عنه وقتاً ، كالمسح على الخفين ، ولأن الطهارات على ثلاثة أضرب : طهارة ترفع الحدث من جميع الأعضاء ، وهو الوضوء الكامل ، فيؤدي به ما شاء من الفرائض والنوافل .
وطهارة ترفع الحدث عن بعض الأعضاء ، وهو المسح على الخفين ، فيقصر بتجديد الوقت عن الوضوء الكامل .
وطهارة لا ترفع الحدث عن شيء من الأعضاء وهو التيمم فوجب أن يكون أخص منها حكماً ، وأن لا يؤدى بها إلا فرضاً .
وأما الجواب عن الخبر فهو أن ترك الأخذ بظاهره يوجب حمله على ابتداء التيمم دون استدامته ، وأما الجواب عن قياسهم على الوضوء فهو أن الوضوء لما كان طهارة رفاهية ترفع الحدث كان حكمها عاماً ، والتيمم لما كان طهارة ضرورية لا ترفع الحدث كان حكمها خاصاً ، وأما الجواب عن قياسهم على النوافل فمن وجهين :