الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص251
فصلاها ثم بانت ظهراً ، ولأنه تطهر عن حدث فوجب أن لا يجزئه عن طهارة الجنابة كالواجد للماء ، ودليلنا هو أنهما طهارتان متفقتان في الصورة والنية ، فلم يكن الخطأ فيهما مانعاً من أجزائهما قياساً على المرأة إذا اغتسلت من جنابة فكان حيضاً ، أو المحدث يتوضأ عن صوت وكان نوماً ، ولأنه تيمم عن أحد الحدثين ، فوجب أن يكون الخطأ فيه غير مانع من الإجزاء ، قياساً على ما إذا تيمم عن جنابة فكان محدثاً ، فكذا إذا تيمم عن حدث فكان جنباً ، فالمعنى الذي ذكرنا ، فأما الجواب عن استشهادهم بالصلاة فمن وجهين :
أحدهما : أن تعيين النية في الصلاة واجب ، وتعيينها في الحدث غير واجب .
والثاني : أن الأحداث إذا اجتمعت تداخلت ، والصلاوات إذا ترادفت لم تتداخل ، وأما قياسه على الماء فالمعنى فيه : أن طهارة الجنب بالماء أعم من طهارة المحدث فلم يجزه وطهارة الجنب بالتراب كطهارة المحدث فأجزأه .
قال الماوردي : أما أول كلامه فصحيح ، وهو أول قوله ليس عليه عندي معرفة أي الأحداث كان منه لأن تعيين النية ليس له بلازم ، وأما قوله بعد ذلك وإنما عليه أن يتطهر للحدث فيحتمل أن يكون قد أراد التيمم برفع الحدث كالوضوء ، فإن أراد هذا وذهب إليه وقد حكاه بعض أصحابنا عنه خالفناه ، فيه وقلنا إنه لا يرفع الحدث ، وقد تقدم الكلام فيه مع أبي حنيفة ، ويحتمل أن لا يكون قد أراد به رفع الحدث بالتيمم ، فلا يكون مخالفاً ، ولا يخلو قوله : وإنما عليه أن يتطهر للحدث من أحد أمرين إما في الوضوء أو في التيمم ، فإن ط أراد به في الوضوء فهو مصيب في الجواب مخطئ في الاستدلال ، وإن أراد به في التيمم فهو مخطئ في الجواب والاستدلال ؛ لأنه في التيمم لا يجوز أن ينوي رفع الحدث والله أعلم .