الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص244
الماء أنه مستعمل في غير الضرورة ، فكانت الطهارة به عامة في سقوط الفرض دون رفع الحدث .
وأما الجواب عن قوله : إنه لما بطل التيمم بالحدث الطارئ دل على أنه لم يكن من قبله محدثاً ، فهو أنه يستنبط منه دليل عليهم فيقال : لو أن جنباً تيمم لجنابته ثم أحدث بعد تيممه ووجد الماء لزمه أن يغتسل به ، فلو كان التيمم رافعاً لحدثه لكان حكم الجنابة ساقطاً ولزمه أن يتوضأ ؛ لما طرأ من حدثه ، وفي ذلك أقوى دليل على بقاء الحدث الأول بعد تيممه ، ثم يقال إنما بطل تيممه بالحدث الطارئ وإن كان محدثاً لأن التيمم تباح به الصلاة بالحدث الأول لا بالحدث الطارئ .
أحدها : أن ينوي رفع الحدث فتيممه باطل به ؛ لأن التيمم إذا كان لا يرفع الحدث فهذه النية مخالفة لحكمه فلا يصح التيمم بها ومن أصحابنا من قال يجزئه تيممه ؛ لأن المعنى المقصود برفع الحدث إنما هو استباحة الصلاة .
والتيمم مبيح للصلاة ، وإن لم يرتفع الحدث .
والحال الثانية : ينوي استباحة الصلاة .
فيصح التيمم للنوافل ولا يصح للفرائض لأن التيمم تستباح به النوافل من غير تعيين ، ولا يستباح به الفرض إلا بتعيين ، ولا يجوز أن يطوف به لأن الطواف ليس بصلاة ، فلم يدخل فيما نوى من استباحة الصلاة ، وهل يجوز أن يصلي به ركعتي الطواف أم لا ؟ على وجهين مخرجين من اختلاف قوليه ‘ في ركعتي الطواف هل هي واجبة أو سنة ‘ فإن قيل : إنها واجبة لم يجز أن يصليها بهذا التيمم .
وإن قيل : إنها سنة ، جاز ، ولكن يجوز أن يحمل به المصحف ، ويقرأ به القرآن إن كان جنباً ، بخلاف الطواف ؛ لأن الطواف عبادة مقصودة .
والحال الثالثة : أن ينوي صلاة النافلة فيجوز له أن يصلي به من النوافل ما شاء من غير عدد محصور ، ولا يجوز أن يصلي به الفريضة ، وقال أبو حنيفة : إذا تيمم للنافلة جاز أن يصلي به الفريضة استدلالاً بأن كل طهارة صح استباحة النفل بها صح استباحة الفرض بها كالوضوء ؛ لأن كل صلاة صح فعلها من المتوضئ صح فعلها من المتيمم كالنفل .