پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص239

الأعز ، فأما الجواب عن الآية فهو ما تقدم من الاستدلال إليها ، فأما حديث أبي هريرة ، وقوله : ‘ وجعلت لي الأرض كلها مسجداً وطهوراً ‘ فالأرض اسم ينطلق على الطين دون الزرنيخ والكحل فلم يكن في الاسم عموم ، ولا في الظاهر دليل ، وأما قياسهم على التراب فمنتقض بالفضة والذهب ، ثم المعنى في التراب أنه أعم الجامدات وجوداً كما أن الماء أعم المائعات وجوداً ، وأما قياسهم على الاستنجاء والدباغ فلا يصح الاستنجاء عندهم ليس بواجب فلم يجز أن يجعل أصلاً لواجب ، وعندنا أنه واجب وليست الأحجار مزيلة لنجاسته فاستوى في تحقيقها سائر الجامدات ، وأما الدباغ فليست عبادة فلم يجز أن يجعل أصلاً لعبادة ، ثم المعنى في الدباغ تنشيف الفضول وتطييب الرائحة فاستوى حكم ما أثر ذلك فيها ، والتيمم طهارة حكمية فألحقت بجنسها من الأحداث كلها .

( فصل )

: فإذا ثبت أن التيمم مختص بالتراب دون غيره من سائر المذرورات فقد قال الشافعي من كل أرض سبخها ومدرها وبطحائها ، فالسبخة : هي الأرض المالحة التي لا تنبت ، والمدر : هي الأرض ذات التلال والجبال ، والبطحاء : فيه تأويلان :

أحدهما : أنها الأرض القاع الفسيحة .

والثاني : أنها الأرض الصلبة ، وإذا كان كذلك فلا فرق في التراب بين عذبه ومالحه ، وحكي عن ابن عباس أنه قال : لا يجوز التيمم إلا بالتراب العذب تراب الحرث ، وبه قال إسحاق بن راهويه تعلقاً بقوله تعالى : ( فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ) والطيب إنما يستعمل في الطعم دون غيره ، وهذا غير صحيح ، لأن النبي ( ص ) تيمم من أرض المدينة وهي أرضٌ سبخةٌ وكذلك ما جاء في الحديث عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ أريتُ أرضاً سبخةً ‘ يعني : المدينة ولأن الطهارة بالماء أغلظ حكماً فيها بالتراب فلما لم يقع الفرق في الماء بين عذبه ومالحه وجب ألا يقع الفرق في التراب بين عذبه ومالح ، فأما تأويله للآية فقد ذهب غيره من أهل التأويل إلى خلافه ، وأن بعضهم تأول قوله : ‘ طيباً ‘ أي حلالاً ، وبعضهم تأوله : طاهراً وهو الأشبه .

( فصل )

: فإذا تقرر أنه لا فرق في التراب بين عذبه ومالحه ، فكذا لا فرق بين أبيضه وأحمره وسائر ألوانه كالماء لا يكون اختلاف ألوانه في أصل خلقته مغيراً لحكم استعماله ، ويجوز أن يتيمم بالطين المأكول من الخراساني والبحري ، لأنه من جنس الأرض وإن