پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص207

وهذا كما قال لا فرق في الأحداث الموجبة للوضوء بين عمدها وسهوها والقصد والخطأ فيها لأن النوم موجب الوضوء وإن لم يكن مقصوداً والاحتلام يوجب الغسل وإن لم يكن فيه عامداً وقد أمر رسول الله ( ص ) بالوضوء من المذي وإن كان بغير اختياره ، وبالانصراف من الصلاة عند سماع الصوت والريح وهو بغير اختياره فدل على استواء الحكم في العمد والسهو .

( مسألة : اليقين يزول بالشك )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ومن استيقن الطهارة ثم شك في الحدث أو استيقن الحدث ثم شك في الطهارة فلا يزول اليقين بالشك ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح ، أما إذا تيقن الحدث وشك بعده في الوضوء فإنه يبنى على اليقين ويتوضأ ولا يأخذ بالشك إجماعاً ، فأما إذا تيقن الوضوء ثم شك هل أحدث بعده أم لا فمذهب الشافعي ، وأبي حنيفة وجمهور الفقهاء أنه يبنى على اليقين ولا يلزمه الوضوء ، وقال مالك يبنى على الشك ويلزمه الوضوء ما لم يكثر ذلك عليه . وقال الحسن البصري : وإذا طرأ الشك عليه وهو في الصلاة بنى على اليقين وإن كان في غير الصلاة بنى على الشك استدلالاً بأن فرض الصلاة لا يسقط إلا بطهر لا شك فيه ألا تراه لو شك في بعض زمان المسح على الخفين لم يكن له أن يمسح عليهما تغليباً لحكم الشك لتكون الطهارة مؤداة بيقين كذلك إذا شك في الحدث والدليل على صحة ما ذهبنا إليه ما رواه الشافعي عن سفيان عن الزهري عن عبد الله بن زيد قال : شكى إلى رسول الله ( ص ) الرجل يخيل إليه الشيء في الصلاة فقال : لا ينتقل حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً وروى الضحاك عن عثمان عن سعد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ( ص ) إن أحدكم إذا دخل في الصلاة جاء الشيطان فأنشر كما ينشر الرجال بدابته فإذا سكن له جاء الشيطان فأضرط بين إليتيه يفتنه عن صلاته فإذا وجد أحدكم مثل ذلك فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً ولأن طرؤ الشك على اليقين يوجب البقاء على اليقين كما لو طرأ شك الطهر على الحدث بيقين .

فأما استشهادهم بالمسح على الخفين في تغليب الشك ليقضي زمان المسح فالجواب عنه أنه لم يغلب الشك فيه وإنما غلب حكم الظاهر لأن الظاهر يقتضي المنع من المسح إلا على صفة فما لم ينقض الصفة وهو بقاء الزمان كان الظاهر مانعاً من زوال المسح ، وليس يمنع أن نغلب حكم الظاهر ، وإنما الممتنع أن نغلب حكم الشك ، وكذلك كان الشك في الصلاة وفي الطلاق ملغى وفي اليقين معتبر – والله أعلم – .