پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص174

أحدكم بالبعر ولا بالعظم ‘ . ولأن العظم لا يخلو إما أن يكون مذكى أو غير مذكى .

فإن كان غير مذكى فهو نجس والاستنجاء بالنجس لا يجوز .

وإن كان مذكى فهو مطعوم والاستنجاء بالمطعوم لا يجوز لما دللنا عليه ولأن في العظم سهوكة لزوجته تمنع من الإزالة فإذا ثبت أن الاستنجاء به غير جائز ، سواء كان العظم الذي يستنجى به رخواً رطباً أو كان قوياً مشتداً ، قديماً كان أو حديثاً ، ميتاً كان أو ذكياً ، فإن أحرق بالنار حتى ذهبت سهوكته لزوجته وخرج عن حال العظم فإن كان عظم ميت لم يجز الاستنجاء به لأنه نجس عندنا والنار لا تطهر النجاسة ، وإن كان مذكى فقد اختلف أصحابنا في جواز استعماله بعد إحراقه على وجهين :

أحدهما : يجوز أن يستعمل لأن النار قد أحالته عن حاله فصارت كالدباغة تحيل الجلد المذكى عما كان عليه إلى حال يجوز الاستنجاء به .

والوجه الثاني : لا يجوز الاستنجاء به ، لأن النبي ( ص ) نهى عن الروث والرمة ، ومعلوم أن الرمة هي العظم البالي فلا فرق أن يصير بالياً بمرور الزمان ، وبين أن يصير بالياً بالنار ، والشاهد على أن الرمة هي العظم البالي قول جرير لابنه في شعره .

( فارقتني حين عن الدهر من بصري
وحين صرت كعظم الرمة البالي )

والفرق بين النار في العظم وبين الدباغة في الجلد أن الدباغة تنقل الجلد إلى حال زائدة فأفادته حكماً زائداً ، والنار تنقل العظم إلى حال ناقصة ، فكان أولى أن يصير حكمه ناقصاً .

( فصل )

: فأما قول الشافعي : ولا يجوز أن يستطيب بعظم ولا نجس ، فقد روي نجس بكسر الجيم وروي نجسٌ بفتح الجيم فمن روى بالكسر جعله صفة للعظم فصار معناه ، ولا يجزئ أن يستطيب بعظم لا طاهر ولا نجس ، ومن روى بالفتح جعله ابتداء ، ونهى عن الاستنجاء بالنجاسات كلها ، وقد دللنا على أن الاستنجاء بالنجاسات لا يجوز فإن استنجى بها لم يجزه وقد اختلف أصحابنا بعد الاستنجاء بها هل يستعمل الأحجار بعدها أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : لا يجوز لنجاسة المحل بغير ما خرج من السبيل .

والثاني : يجوز لأن ما حدث من النجاسة يصير تبعاً لنجاسة المحل .

( فصل : تقديم الوضوء على الاستنجاء )

فإذا ثبت ما وصفنا من الاستنجاء وأحكامه فينبغي للمحدث أن يقدم الاستنجاء على