الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص161
وقد استنجى بالماء وإن استعمل الأحجار وحدها واقتصر عليها أجزأه ، وقال أبو حنيفة : إن كان كقدر الدرهم لم يلزمه استعمال الأحجار وإن كان أكثر من الدرهم لزمه استعمال الماء ولم يجزه الأحجار فلم يجعل في الاستنجاء موضعاً يلزم استعمال الأحجار فيه ، وفيما مضى دليل عليه كاف ، وحكي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كره ذلك ومنع منه إلا في حال صروره وقال : قد كان القوم يبعرون بعراً وأنتم تثلطون ثلطاً فاتبعوا الحجارة الماء ولعله رضي الله عنه منع من استعماله فيما انتشر عن السبيلين .
وإذا كان الأمر على ما ذكرنا فلا فرق في استعمال الأحجار بين الحضر والسفر مع وجود الماء وعدمه ، والعدد معتبر في استعمالها وهو ثلاث لا يجزئه أقل منها .
وقال مالك وداود : العدد غير معتبر وإنما الإنقاء هو المعتبر فإذا أنقى بحجر واحد أجزأه استدلالاً بقوله ( ص ) : ‘ من استجمر فليوتر ‘ . واسم الوتر يقع على المرة ولأنه لم يكن العدد معتبراً في الماء الذي هو أصل فأولى ألا يكون معتبراً في الأحجار التي هي فرع ، ولأنه قد وجد الإنقاء فوجب أن يجزئه كالثلاث .
ودليلنا قوله ( ص ) : ‘ وليستنج بثلاثة أحجارٍ ‘ ، وهذا أمر ، وحديث سلمان : لقد نهى رسول الله ( ص ) أن يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجارٍ ، وروى جابر بن عبد الله عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ إذا استنجى أحدكم فليستجمر ثلاثاً ‘ ، وحديث خزيمة بن ثابت قال : سئل النبي ( ص ) عن الاستنجاء فقال : ‘ بثلاثة أحجار ليس فيها رجيع وروى ابن عمر عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ إذا استجمر أحدكم فليوتر ثلاثاً ‘ وروى أبو رزين الباهلي عن مالك بن يخامر الباهلي أنه سمع رسول الله ( ص ) يقول : ‘ الاستجمار تو فإذا استجمر أحدكم فليستجمر بتوٍّ ‘ والتو : الوتر يريد به ثلاثاً .
ولأنها نجاسة شرع إزالتها بعدد فوجب أن يستحق منها ذلك العدد كالولوغ .
فأما الجواب عن قوله : ‘ من استجمر فليوتر ‘ فهو أن عمومه مخصوص بقوله وليستنج بثلاثة أحجار .