الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص140
فقال عمر : ولو قدمت الإسلام على الشيب لأجزتك فدل على أن الواو تقتضي الترتيب في اللغة ، وأما الشرع فالكتاب والسنة .
أما الكتاب فقوله تعالى : ( إنَّ الصَفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ ) ( البقرة : 158 ) . فبدأ النبي ( ص ) بالصفا وقال : ‘ ابدءوا بما بدأ الله به ‘ . وأما السنة فما روي أن النبي ( ص ) سمع رجلاً يقول من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى فقال له النبي ( ص ) : ‘ بئس الخطيب أنت قل ومن يعص الله ورسوله فقد غوى ‘ . فلولا أن الواو توجب التعقيب والترتيب لم يكن لها فائدة .
والوجه الثالث : أن الله تعالى ذكر ممسوحاً بين مغسولين ، ومن عادة العرب الجمع بين المتجانسين إلا لفائدة في إدخال غير جنسه فيما بين جنسه فلولا أن الترتيب مستحق في ذكر الممسوح بين المغسولين لجمع بين الأعضاء المغسولة المتجانسة وأفرد الممسوح عنها .
والوجه الرابع : أن في مذهب العرب البداية بالأقرب فالأقرب إلا لغرض والرأس أقرب إلى الوجه من اليدين فلولا أن الترتيب مستحق لقدم الرأس على اليدين ، ومن السنة ما روى خلاد بن السائب عن أبيه أن النبي ( ص ) قال : ‘ لا يقبل الله صلاة امرئٍ حتى يضع الوضوء مواضعه فيغسل وجهه ثم ذراعيه ثم يمسح برأسه ثم يغسل رجليه ‘ . وهذا إن ثبت نص لا يسوغ خلافه ، وروى عمرو بن عنبسة قال قلت يا رسول الله أخبرني عن الوضوء فقال : ‘ ما منكم من أحدٍ يقرب وضوءه ثم يتمضمض ويستنشق إلا جرت خطايا فيه وأنفه مع الماء ثم يغسل وجهه كما أمر الله إلا جرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء ثم يغسل يديه إلى مرفقيه إلا جرت خطايا يديه من أطراف أنامله مع الماء ثم يمسح برأسه إلا جرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء ثم يغسل قدميه مع الكعبين كما أمر الله إلا جرت خطايا رجليه من أطراف أصابعه مع الماء ‘ .
وهذا حديث صحيح ذكره مسلم ابن حجاج . . .