الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص111
أحدهما : أن يكون الكثيف متفرقا بين أثناء الخفيف لا يمتاز منه ولا ينفرد عنه فهذا يلزمه إيصال الماء إلى جميع الشعر والبشرة معا لأن أفراد الكثيف بالغسل يشق وإمراره على الخفيف لا يجزي .
والضرب الثاني : أن يكون الخفيف متميزا منفردا عن الكثيف فالواجب عليه أن يغسل ما تحت الخفيف دون الكثيف اعتبارا بما تقع به المواجهة ولو غسل بشرة جميعه كان أولى .
فأما شعر الحاجبين وأهداب العينين والشارب والعنفقة فهذه المواضع الأربعة يلزمه إيصال الماء إلى ما تحتها من البشرة سواء كان شعرها خفيفا أو كثيفا .
لما روي عن أبي بكر رضي الله عنه موقوفا وبعضهم يصله بالنبي ( ص ) أنه قال : ‘ لا تنسوا المغفلة والمنشلة ‘ ، فالمغفلة : العنفقة والمنشلة ما تحت الخاتم ، ولأن هذه مواضع يخف شعرها في الغالب فإن كثفت كان نادرا فلم يسقط فرض الغسل عن البشرة كشعر الذراعين ولأنه شعر بين مغسولين فاعتبر حكمه بما بينهما .
وقد روي عن ابن عمر أنه كان مس الماء على وجهه ولا يسنه والسن بغير إعجام صب الماء وبالشين تفريق الماء ثم يمر بيديه بالماء على وجهه حتى يستوعب الماء جميع ما يجب إيصاله إليه . فإن خالف ما وصفنا في الاختيار وأوصل الماء إلى جميع وجهه أجزأه فإما إيصال الماء إلى العينين فليس بواجب ولا سنة واختلف أصحابنا هل يستحب له ذلك أم لا فقال أبو حامد الإسفراييني رحمه الله يستحب له ذلك وحكاه عن الشافعي في كتاب الأم لأن ابن عمر كان يفضله .