الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص80
والضرب الرابع : أن يكون يسيرا لغير حاجة فاستعماله ليس بحرام وفي كراهة استعماله وجهان :
أحدهما : غير مكروه كالثوب المطرز بالحرير .
والثاني : مكروه بخلاف الطراز ، لأن الحرير أخف لإباحته لجنس من الناس فكان حكمه أخف من الفضة التي لم يستبح أوانيها لجنس .
وقال الماوردي : وهذا كما قال .
المشركون على أصل الطهارة في أبدانهم ، وثيابهم ، وأوانيهم ، وهو قول جمهور الفقهاء . وحكى عن أحمد وإسحاق وداود أنهم أنجاس يحرم استعمال ما لقوه بأجسادهم استدلالا بقوله تعالى : ( إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ) [ التوبة : 28 ] فنص على نجاستهم .
ودليلنا قوله تعالى : ( اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ) [ المائدة : 5 ] .
ومعلوم أن طعامهم مصنوع بأيديهم ومياههم وفي أوانيهم فدل على طهارة ذلك كله .
وروي أن النبي ( ص ) شرب ماء من مزادة وثنية .
وروى أن عمر رضي الله عنه توضأ من جر نصرانية ولأن رسول الله ( ص ) قد كان يأذن للمشركين في دخول مسجده وربط ثمامة بن أثال حين أسره على سارية في المسجد ، ولو كان نجسا لكان أولى الأمور به تطهير مسجده منه ، ولأن الإعتقاد لا يؤثر في تنجيس الأعيان ، ولو كان بسوء معتقده ينجس ما كان طاهرا لكان حسن معتقدنا يطهر ما كان نجسا .
فأما قوله تعالى : ( إنما المشركون نجس ) [ التوبة : 28 ] . ففيه تأويلان :
أحدهما : أنهم أنجاس الأبدان كنجاسة الكلب والخنزير ، وهذا قول عمر بن عبد العزيز .
وقال الحسن البصري كذلك ، وأوجب الوضوء على من صافحهم .