الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص65
أحدها : يكون ملكا لربه دون دابغه كالخمر المنقلب خلا في يد أحده يكون ملكه لربه دون من صار خلا في يده .
والوجه الثاني : يكون ملكا لدباغه دون ربه كالمحيي أرضا موات بعد إجازة غيره يكون ملكا لمن أحياها دون من أجازها .
والوجه الثالث : أنه كان رب الجلد قد رفع يده عنه فأخذه الدابغ فدبغه كان ملكا لدابغه دون ربه وإن كانت يده عليه فغصبه إياه كان ملكا لربه دون دابغه ، وإنما كان كذلك لأن جلد الميتة لا يوصف بثبوت الملك عليه وإنما يوصف اليد عليه فإذا رفع يده زالت صفة استحقاقه .
فإذا ثبت ما وصفنا من طهارة جلد الميتة بالدباغة تعلق الكلام بفصلين :
أحدهما : بيان حكمه قبل الدباغة .
والثاني : بيان حكمه بعد الدباغة .
فأما ما قبل الدباغة فيجوز استعماله في اليابسات دون الذائبات ويجوز هبته ، ولا يجوز بيعه ، ولا رهنه . وقال أبو حنيفة : يجوز بيعه ورهنه استدلالا بأن ما أمكن تطهيره بعد نجاسته جاز بيعه كالثوب النجس .
ودليلنا عموم قوله تعالى : ( حرمت عليكم الميتة ) [ المائدة : 3 ] . لأن الأعيان النجسة لا يجوز بيعها كالعذرة .
وأما الثوب فهو طاهر العين وإنما جاورته النجاسة فجاز بيعه لأن العذرة تتناول عينا ظاهرة وإن جاورتها نجاسة وكذلك الجلد الطاهر إذا جاورته نجاسة .
أحدهما : وهو قوله في القديم لا يجوز بيعه ، وبه قال مالك لعموم قوله تعالى : ( حرمت عليكم الميتة ) [ المائدة : 3 ] ، ولأن إباحة الانتفاع بالميتة لا تقتضي جواز بيعها كالمضطر إلى أكلها ، ولأن تأثير الدباغة إنما هو التطهير وليس التطهير علة في جواز البيع ك ‘ أم الولد ‘ .
والقول الثاني : وهو قوله في الجديد وبه قال أبو حنيفة : إن بيعه جائز لأنه جلد طاهر فجاز بيعه ك ‘ المزكي ‘ ولأن حدوث النجاسة إذا منع من جواز البيع كان مأذونا بجواز البيع كنجاسة الخمر إذا ارتفعت بانقلابها خلا ، ولأن دباغة الجلد قد أعادته إلى حكم الحياة فلما كان بيعه في الحياة جائز اقتضى أن يكون بعد الدباغة جائز .
فأما الآية فمخصوصة ، وأما المضطر إلى أكل الميتة فإنما استباحها لمعنى فيه لا في الميتة واستباحه الجلد لمعنى في الجلد لا في المستبيح .