پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص42

مكروه ، وكذلك كما اشتد برده فلم يمكن استعماله فإذا تقرر هذا فالمياه كلها نوعان : نوع نزل من السماء وهو ثلاثة مياه ماء المطر ، وماء الثلج ، وماء البرد ، ونوع ينبع من الأرض وهو أربع مياه : ماء البحر ، وماء النهر ، وماء العين ، وماء البئر ، وجميع هذه المياه طاهرة مطهرة على اختلافها في اللون والطعم والرائحة .

مسألة

قال الشافعي رحمه الله : ولا أكره الماء المشمس إلا من جهة الطب لكراهية عمر ذلك وقوله : ‘ يورث البرص ‘ .

قال الماوردي : فهذا صحيح استعمال الماء المشمس مكروه لرواية أبي الزبير عن جابر أن عائشة – رضي الله عنهما – شمست ماء لرسول الله ( ص ) ، فقال النبي ( ص ) : ‘ لا تفعلي يا حميرا فإنه يورث البرص ‘ وروي عن عمر رضي الله عنه أنه كره الماء المشمس ، وقال : إنه يورث البرص ، فإذا ثبت الخبر والأثر كراهية الماء المشمس ، فإن الكراهة مختصة بما أثرت فيه الشمس من مياه الأواني ، وأما مياه البحار والأنهار والآبار لا يكره لأمرين :

أحدهما : أن الشمس لا تؤثر فيها كتأثيرها في الأواني .

والثاني : التحرز منها غير ممكن ومن الأواني ممكن وتأثير الشمس في مياه الأواني قد يكون تارة بالحما ، وتارة بزوال برده ، والكراهة في الحالين على سواء ، فإن لم تؤثر الشمس فيه لم يكره فسواء ما قصد به الشمس ، وما طلعت عليه الشمس من غير قصد ، وذهب بعض أصحابنا إلى أن المكروه منه ما قصد به الشمس دون ما طلعت عليه الشمس من غير قصد ، لأن النبي ( ص ) قال لعائشة : ‘ لا تفعلي ‘ فكان النهي متوجها إلى الفعل وهذا غير صحيح ، لأن النبي ( ص ) قد نص على معنى النهي وأنه يورث البرص وهذا المعنى لا يختص بالقصد دون غيره ، وكذا أيضا لا فرق بين ما حمي بالشمس في بلاد تهامة والحجاز ، وبين ما حمي بها في سائر البلاد ، وكان بعض أصحابنا يجعل النهي مخصوصا بما حمي بتهامة والحجاز لأنه هناك تورث البرص دون ما حمى بالعراق وسائر البلاد ، وهذا التخصيص إنما هو إطلاق قول