الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص7
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم يسر وأعن يا كريم
الحمد لله الذي أوضح لنا شرائع دينه ومن علينا بتنزيل كتابه وأمدنا بسنة رسوله حتى تمهد لعلماء الأمة أصول ، بنص ومعقول ، توصلوا بها إلى علم الحادث النازل ، وإدراك الغامض المشكل ، فلله الحمد على ما أنعم به من هدايته وصلواته على رسوله محمد وآله وأصحابه . ثم لما كان محمد بن إدريس الشافعي – رضي الله عنه – قد توسط بحجتي النصوص المنقولة والمعاني المعقولة حتى لم يصره بالميل إلى أحدهما مقصرا عن الأخرى أحق ، وبطريقه أوثق . ولما كان أصحاب الشافعي رضي الله عنه قد اقتصروا على مختصر إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى المزني رحمه الله ، لانتشار الكتب المبسوطة عن فهم المتعلم ، واستطالة مراجعتها على العالم حتى جعلوا المختصر أصلا يمكنهم تقريبه على المبتدئ ، واستيفاؤه للمنتهي ، وجب صرف العناية إليه وإيقاع الاهتمام به . ولما صار مختصر المزني بهذه الحال من مذهب الشافعي ، لزم استيعاب المذهب في شرحه واستيفاء اختلاف الفقهاء المغلق به ، وإن كان ذلك خروجا عن مقتضى الشرح الذي يقتضي الاقتصار على إبانة المشروح ليصح الاكتفاء به ، والاستغناء عن غيره . وقد اعتمدت بكتابي هذا شرحه على أعدل شروحه وترجمته ب ‘ الحاوي ‘ رجاء أن يكون حاويا لما أوجبه بقدر الحال من الاستيفاء والاستيعاب في أوضح تقديم وأصح ترتيب وأسهل مأخذ واحد في فصول . وأنا أسأل الله أكرم مسؤول أن يجعل التوفيق لي مادة والمعونة هداية بطوله ومشيئته .
قال إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى المزني : اختصرت هذا من علم الشافعي من معنى قوله : لأقربه على من أراده مع إعلامية نهيه عن تقليده وتقليد غيره لينظر فيه لدينه ويحتاط فيه لنفسه ، وبالله التوفيق .
وقال الماوردي : ابتدأ المزني بهذه الترجمة في كتابه فاعترض عليه فيها من حساد الفضل من أغراهم التقدم بالمنازعة ، وبعثهم الاشتهار على المذمة ، وكان ممن اعترض عليه فيها ‘ النهرماني ‘ و ‘ المغربي ‘ و ‘ القهي ‘ وأبو طالب الكاتب ، ثم تعقبهم ابن داود فكان اعتراضهم فيها من وجوه ؛ فأول وجوه اعتراضهم فيها أن قالوا : لم لم يحمد الله تعالى