جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج43-ص446
وقيل: ضمان الامام مقدم على ضمان الجاني ” وأصرح منها عبارة الرياض في تحرير الخلاف.
وفي التحرير: ” الدية تجب ابتداء على العاقلة فلا يرجع العاقلة بها على الجاني على الاصح، بل ولا يشاركهم نعم لو لم يكن له عاقلة ولا شئ في بيت المال اخذت الدية من ماله “.
إلى غير ذلك من كلماتهم التي يمكن للفقيه بعد التأمل والتدبر القطع بأنمرادهم ذلك حصوصا بعدما عرفت من كون العاقلة مؤدية عن الجاني لا مديونة في ذمتها فيكون حينئذ شبه التكليف الذي يسقط بالعجز عنه، ولذا رتبوا الحكم في المسألة على عدم العاقلة وعجزها وفقرها مع أنه لم نجد للاخيرين أثرا في النصوص، فليس هو إلا لما ذكرناه.
وأما احتمال كونه على الامام مطلقا حتى في مثل هذا الزمان على وجه يبطل دم المسلم لعجز الامام، أو أنه يقوم مقامه نائب الغيبة فيؤديه مما يتفق قبضه منه من مال الخمس أو من غيره من الانفال، أو يؤديه من غير ذلك مما يرجع إلى المسلمين بناءا على أن الاداء من بيت مالهم لا ماله، فهو شبه الخرافة في الفقه خصوصا على القول بكونها دينا في ذمة العاقلة المقتضي لكونها كذلك أيضا في ذمة الامام عليه السلام الذي له بيت ولله في عنقه حق.
ولم يذكر أحد من المتعلمين في الفقه فضلا عن أكابرهم أن من مصرف حق الصاحب روحي له الفداء وغيره من الانفال في زمن الغيبة ما يشتغل به ذمة الامام من ديات الخطاء نفسا وجرحا وإن نائب الغيبة يقوم مقامه في ذلك، بل إن ذكره ذاكر كان من المضحكات فلا محيص حينئذ عن القول بكونه على الجاني وأن البحثفي تقدم ضمانه على ضمان الامام أو بالعكس إنما هو مع بسط اليد وجريان العدل لا مطلقا، مع أن القول بضمان الجاني على هذا التقدير أيضا لا يخلو من قوة، إلا إذا لم يكن له مال فيؤديه عنه الامام من بيت مال المسلمين أو من ماله على القولين، خصوصا مع فقر العاقلة لا مع عدمها، والله العالم بحقيقة الحال.