جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج43-ص404
إلى آخرها قلت: حين حكما في الحرث كانت قضية واحدة، فقال: كان أوحى الله عزوجل إلى النبيين قبل داود عليه السلام إلى أن بعث الله داود عليه السلام أي غنم نفشت في الحرث فلصاحب الحرث رقاب الغنم ولا يكون النفش إلا بالليل، فإن على صاحب الزرع أن يحفظه بالنهار، وعلى أهل الغنم حفظ الغنم بالليل، فحكم داود بما حكمت به الانبياء من قبله، وأوحى الله إلى سليمان أي غنم نفشت في زرع فليسلصاحب الزرع إلا ما خرج من بطونها، وكذا جرت السنة بعد سليمان عليه السلام وهو قول الله عزوجل: ” وكلا آتينا حكما وعلما ” (1) فحكم كل واحد منهما بحكم الله عزوجل “.
وبالنبوي الذي (2) رواه جماعة ومنهم ابن زهرة ” إن ناقة البراء بن عازب دخلت حائطا فأفسدته فقضى صلى الله عليه وآله أن على أهل الاموال حفظها نهارا وعلى أهل المواشي حفظها ليلا وأن على أهلها الضمان في الليل “.
بل وبالآخر (3) وهو ” أن العجماء (4) جبار ” بناءا على أن غالب جنايتها وقوعها في النهار.
ولكن مع ذلك كله قال الشهيد في غاية المراد: ” لما كان الغالب حفظ الدابة ليلا وحفظ الزرع نهارا خرج الحكم عليه وليس في حمل المتأخرين رد لقول القدماء، لان القدماء اتبعوا عبارة النص والمراد هو التفريط، ولا ينبغي أن يكون خلاف هنا إلا في مجرد العبارة عن الضابط، وأما المعنى فلا خلاف فيه ” وتبعه على ذلك في كشف اللثام، بل قال: أكثر عباراتهم تشعر بذلك.
وقد اعترضه غير واحد بأنه خلاف ظاهر عباراتهم التي لا يجب الجمع فيها
(1) الانبياء: 79.
(2) الغنية، فصل في الجنايات، أواخر الفصل.
(3) راجع الوسائل الباب – 32 – من أبواب موجبات الضمان.
(4) في بعض النسخ: القحماء.