جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج43-ص65
وذلك لان كلا منهما قد مات بسبب انفرد به صاحبه، إذ الجالس قتل العاثر مباشرة، والعاثر مات بسبب كان من الجالس، فهو كما لو حفر بئرا في غير ملكه ثم جاء رجل فجرح الحاضر وسقط الجارح في البئر، فإن الجارح قتل الحافر مباشرة،والحافر قتل الجارح بالتسبيب، فتأمل جيدا.
هذا كله مع عدم قصد القتل بالاصطدام (وإن قصداه أي القتل) أو أحدهما أو كان بحال يقتل مثله غالبا (فهو عمد) يجري عليه حكمه فيهما أو في العامد منهما خلافا لابي حنيفة فجعله خطاء محض أو عن بعض الشافعية أنه شبيه عمد بناء على أن الاصطدام لا يقتل غالبا، وهو واضح الضعف.
وفي معنى التصادم ما لو تجاذبا حبلا فانقطع وسقطا وماتا، لكن عن أبي حنيفة عكس الحكم السابق هنا، فقال ” إن كان وقعا منكبين فعلى عاقلة كل واحد منهما دية الآخر، وإن وقعا مستلقيين فهما هدر، لان انكباب كل واحد منهما يكون بفعل الآخر، والاستلقاء يكون بفعله لا بفعل الآخر، نقيض ما سبق ” وهو كما ترى، ضروره عدم انضباط الامر.
هذا إذا كان المتجاذبان مالكين للحبل أو غاصبين، أما لو كان أحدهما مالكا والآخر غاصبا فدم الغاصب هدر كما هو واضح.
ولو قطعه ثالث عند تجاذبهما ضمنهما في ماله أو عاقلته، مالكين كانا أو غاصبين أو مختلفين، وإن تعدى الغاصب بالامساك والجذب، فإن المباشرهو القاطع.
نعم لو كان هو المالك وهما الغاصبان، أمكن عدم الضمان.
ولو علت الدابتان وجرى الاصطدام والراكبان مقلوبان احتمل الهدر في الجميع الراكب والمركوب، لكونه من جناية الدواب غير الصائلة فهو كالتلف بالآفة السماوية، وكونهما كغير المقلوبين لان الركوب كان بالاختيار وهو لا يقصر عن حفر البئر في الضمان، خصوصا مع ملاحظة ضمان الراكب ما تتلفه الدابة، والله العالم.