جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج37-ص68
وعلى كل حال فقد أشار المصنف وغيره بقوله: ” فطار مبادرا “إلى آخره إلى خلاف بعض الشافعية حيث حكم بالضمان في الاول دون الثاني لبعض الوجوه الاعتبارية.
(وكذا) لا ضمان (لو دل السارق) لما عرفت، لكن الفاضل في الارشاد هنا قال بالضمان، ونسبه غير واحد ممن تأخر عنه إلى مخالفة جميع الاصحاب، وفي غاية المراد ” قد تصفحت كتب أصحابنا فلم أجد أحدا قال بالضمان “.
قلت: وإن لم ينص على عدمه من تقدمه غير المصنف إلا أن قاعدة تقديم المباشر على السبب المعلومة عندهم تقتضي كون الضمان على السارق، وربما نزل ما في الارشاد على ما إذا كان مستأمنا فدل السارق على أمانته، ولا بأس به وإن كان خروجا عما نحن فيه.
فاتضح بذلك كله أن الضمان على المباشر الذي هو أقوى من السبب.
بل الظاهر عدم الضمان على ذي السبب مع عدم العلم بكون التلف به مجردا عن مباشر أقوى منه، فلو حصل التلف بمباشرة غيره ولم يعلم كونه ممن يقدم على السبب أو لا لم يضمن، للاصل وظهور النصوصالسابقة (1) في اعتبار التلف به في التضمين به.
وأولى من ذلك بعدم الضمان ما إذا لم يعلم أصل كون التلف به، كما لو وجد دابة – مثلا – ميتة في البئر المحفورة عدوانا ولم يعلم أنها ماتت في الخارج ثم رميت به أو بترديها به.
أما لو علم مدخليته في التلف ولكن لم يعلم مباشرة غيره معه على وجه يرتفع الضمان معها فقد يتوهم الحكم بضمان ذي السبب حينئذ، لاصالة عدم الغير.
لكن لا يخفى عليك أنه من الاصول المثبتة بعد ما عرفت من ظهور
(1) الوسائل – الباب – 8 و 9 و 11 – من ابواب موجبات الضمان – من كتاب الديا