جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج36-ص320
الزرافة واختلاف أعضائها وشبهها بأعضاء أصناف من الحيوان، فرأسها رأس فرس، وعنقها عنق جمل، وأظلافها أظلاف بقرة، وجلدها جلد نمر، وزعم ناس من الجهال بالله عزوجل أن نتاجها من فحول شتى، قال: وسبب ذلك أن أصنافا من حيوان البر إذا وردت الماء تنزو على بعض السائمة وتنتج مثل هذا الشخص الذي هو كالملتقط من أصناف شتى وهذا جهل من قائله وقلة معرفته بالباري جل قدسه، وليس كل صنفمن الحيوان يلقح كل صنف، فلا الفرس يلقح الجمل، ولا الجمل يلقح البقر، وإنما يكون التلقيح من بعض الحيوان في ما يشاكله ويقرب من خلقه كما يلقح الفرس الحمار فيخرج بينهما البغل، ويلقح الذئب الضبع فيخرج بينهما السبع، وليس في الذي يخرج من بينهما عضو من كل واحد منهما كما في الزرافة التي فيها عضو من الفرس وعضو من الجمل وأظلاف من البقرة، بل يكون كالمتوسط بينهما الممتزج منهما، كالذي نراه في البغل، فانك ترى رأسه وأذنيه وكفه وذنبه وحوافره وسطا بين هذه الاعضاء من الفرس والحمار، ونشجيه (1) كالممتزج من صهيل الفرس ونهيق الحمار، وهذا دليل على أن الزرافة ليست من لقاح أصناف شتى، كما زعم الجاهلون بالله، بل هي خلق عجيب من خلق الله، للدلالة على قدرته التي لا يعجزها شئ “.
قلت: وكذلك النعامة، فانها من بدائع الصنع ودلائل عدم انتهاء القدرة، ومضاهاتها للطير والجمل ليس لانها فرع لهما ومتكونة بينهما، وإلا لكان في كل عضو منها شبه لكل منهما، وليس الامر فيها كذلك، فانالمرئي فيها خلافه.
نعم قيل: المشهور أنها من قسم الطيور، كما نص عليه من اللغويين
(1) وفي البحار: ” وشحيجه “.