جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج36-ص238
أن الاولين غير مرادين هنا، ضرورة عدم الفائدة في الجواب على الاول منهما، بل وعلى الثاني الذي هو توقيفي من الشارع، بل في المسالك ولا الثالث، لان المأكول لا يوصف به وإن كان فيه منع واضح.
ثم قال: ” فتعين أن يكون المراد ردهم إلى ما يستطيبونه ولايستخبثونه، فردهم إلى عادتهم وما هو مغرز في طبائعهم، ولان ذلك هو المتبادر من معنى الطيب عرفا، وسيأتي في الاخبار ما ينبه عليه، والمراد بالعرف الذي يرجع إليه في الاستطابة عرف الاوساط من أهل اليسار في حالة الاختيار دون أهل البوادي وذوي الاضطرار من جفاة العرب، فانهم يستطيبون ما دب ودرج، كما سئل بعضهم عما يأكلون فقال: كل مادب ودرج إلا أم جنين، فقال بعضهم: لتهن أم جنين العافية لكونها أمنت أن تؤكل “.
وفيه أن أكلهم ذلك لا يقتضي استطابتهم له.
ومنه يعلم ما في مجمع البرهان قال: ” معنى الخبيث غير ظاهر، إذ الشرع ما بينه، واللغة غير مرادة، والعرف غير منضبط، فيمكن أن يقال: المراد عرف أوساط الناس واكثرهم حال الاختيار من أهل المدن والدور لا أهل البادية، لانه لا خبيث عندهم، بل يستطيبون جميع ما يمكن أكله، فلا اعتداد بهم ” بل ربما نوقش أيضا بأنه إن أراد إحالة التنفر والاشمئزاز إلى عرفهم فهو إنما يتم لو علم أنه معنى الخباثةوهو بعد غير معلوم، وإن أراد إحالة الخباثة إلى غيرهم فلا عرف لها عند غير العرب، لانها ليست من لغتهم ولم يتعين مرادفها في لغتهم.
هذا مع أن طباع أكثر أهل المدن العظيمة أيضا مختلفة في التنفر وعدمه جدا، كما لا يخفى على من اطلع على أحوال سكان بلاد الهند والترك والافرنج والعجم والعرب في مطاعمهم ومشاربهم، ولذا خص بعض بعرف