جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج35-ص416
المتوكل فنذر إن شفاه الله أن يتصدق بمال كثير، فكتب إلى الهادي عليه السلام يسأله، فكتب: تصدق بثمانين درهما، وكتب قال الله لرسوله صلى الله عليه واله: ” لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ” (1) والمواطن التي نصر الله رسوله ثمانون موطنا، فثمانون درهما من حله مال كثير ” وحينئذ فمتى اطلق الكثير من غير فرق بين الدراهم وغيرها اريد منه المصداق المفسر بما عرفت كشفا من الشارع أو تحديدا كالمسافة والوجه والركوع.
لكن في المسالك هنا ” أن الحكم مختص بالنذر فلا يتعدى إلى غيره من الاقرار والوصايا ونحوها، وقوفا فيما خالف الاصل على مورده، وقد تقدم الكلام في ذلك في البابين “.
وفيه أن مقتضى ذلك العمل به في خصوص النذر وإن كان على خلاف قصد الناذر تعبدا للخبرين، وهو بعيد، بل المتجه ما ذكرناه من أنه لا فرق فيه بين النذر وغيره، بل لو نوى الناذر إرادة الكثير في عرفه وفرضنا صدقه على الاقل من ذلك أو أن أقل مصداقه أكثر من ذلك لزمه ما نوى، وكذ الكلام في لفظ القديم، فتأمل جيدا.
ومنه يعلم ما في قوله أيضا من أن ” الحكم مقصور على نذر الشئ الكثير، كما هو مورد الرواية، وفي معناه أو الاولى منه نذر دراهم كثيرة، وفي الرواية المرسلة جعل مورد النذر المال كما فرضه المصنف وجماعة وفي تعديته إلى غير ذلك كما لو نذر أن يتصدق بثياب كثيرة أو دنانير كثيرة وجهان: من خروجه عن مورد النص المخالف للاصل، ومن أن الكثرة إذا ثبتت مقدرة بشئ ثبتت فيما ناسبه، خصوصا على ما يشعر به التعليل، فانه يدل على إطلاق الكثير بذلك العدد على كل شئ،وبهذا حكم العلامة في المختلف والشهيد في الدروس، ولا يخلو من نظر، لان الكثير استعمل لغة وعرفا في غير ذلك العدد، ودعوى أن ذلك تقدير شرعي، وهو مقدم
(1) سورة التوبة: 9 – الاية 25.