جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج35-ص372
بقوله: ” لله علي ” الذي هو جزء صيغة الالتزام، لعدم دلالته عليه باحدى الدلالات بل لابد من نيه القربة مقارنة للصيغة، ويبقى عليهم المطالبة بدليل كونه عبادة، ضرورة توقفها على أمر يقتضيها، وليس، كما أنه لا دلالة في شئ مما ذكروه من النصوص الكثيرة التي ادعوا دلالتها على ذلك، ضرورة أنه لا تفيد سوى اعتبار كون النذر لله، أي لا لغيره، بمعنى أنه يجب في صيغته التي هي سبب الالتزام أن يقول: ” لله علي ” بمعني عدم انعقاد النذر لو جعل الالتزام لغير الله من نبي مرسل أو ملك مقرب، وهذا غير معنى نية التقرب.
وظني والله أعلم أن الاشتباه من هنا نشأ، وذلك لانهم ظنوا أن هذه النصوص والتي دلت على المعنى المزبور دالة على اعتبار نية القربة، ولا يخفى عليك أنكون الفعل لله بمعنى امتثالا لامره مباين لكونه له، بمعنى أنه يعتبر في التزام النذر كون الصيغة الالتزام له لا بغيره ولا مدخليه له في نية القربة، كما هو واضح.
وحينئذ فالمعتبر في النذر كونه لله بالمعنى الذي ذكرناه لا غيره، وهذا يجامع نذر المباح وغيره، فان فرض إرادتهم من نيه القربة المعنى المزبور كما هو ظاهر سيد المدارك في شرح النافع حيث قال: ” ويشترط في صحة النذر قصد الناذر إلى معنى قوله: ” لله ” وهو المعبر عنه بنية القربة، وإنما لم يذكره المصنف صريحا، لان الظاهر من حال المتلفظ بقول: ” لله ” أن يكون قاصدا إلى معناه، حتى لو ادعى عدم القصد لم يقبل قوله فيه ” إلى آخره، بل هو ظاهر بعض ما سمعته من المسالك فمرحبا بالوفاق، إلا أنه لا وجه للقول بعدم صحته من الكافر لتعذر نية القربة منه، ولا لقولهم: إن نيه القربة يجزئ عنها قول: ” لله ” ولا نحو ذلك مما لا يخفى عليك من كلماتهم، حتى قول المصنف وغيره تفريعا على اعتبار نية القربة:
(فلو قصد منع نفسه بالنذر لا لله لم ينعقد)
مع أنك قد عرفت نذر الزجر الذي معناه أن المكلف يوقعه لارادة منع نفسه عن فعل باعتبارعظم المنذور الذي يقتضي وقوع الفعل منه الالتزام به بسبب النذر.