جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج31-ص328
بناء على بقاء حق الخدمة له لا يستلزم أن يكون التمكين التام بالنسبة إليها هو التمكين ليلا ليلزم به النفقة، فان الاجماع منعقد على أنه لا نفقة لها بانتفاء التمكين التام مع تفسيره بالتمكين كل حين في كل مكان.
وقد يقال إنما انعقد الاجماع على سقوط النفقة بالنشوز، ولا نشوز هنا، لوجوب طاعة المولى، كما لا نشوز بالامتناع للحيض ونحوه، ويدفعه أن الاصل البراءة إلا فيما أجمع ففيه على الوجوب، ولا إجماع هنا، بخلاف الحائض ونحوها.
قلت: قد عرفت فيما تقدم أنه لا دليل على شرطية التمكين على وجه يقتضى أنانتفاءه مطلقا يترتب عليه انتفاء الانفاق، ولذا أوجبوه للمريضة والمسافرة في المضيق والصائمة والحائض وغيرهن من ذوات الاعذار، والمسلم من الاجماع ما ذكره أخيرا من أن انتفاءه على وجه النشوز يقتضي انتفاء الانفاق، فالمتجه حينئذ الانفاق هنا، ضرروة كونها حينئذ كباقي ذوات العذر في عدم التمكين، بل ربما كانت أولى منهن باعتبار إقدامه في تزويجه بها على ذلك، وما ذكره من أن الاصل البراءة فيه ما لا يخفى من وضوح عدم كون المدرك الاجماع على خصوصيات ذوات الاعذار، وإنما هو ما عرفت مع إطلاق أدلة الانفاق، وهو بعينه جار في المقام، ودعوى إجمال الاطلاقات فلا تعارض أصل البراءة واضحة الفساد، بل لا يليق وقوعها ممن له أدنى نصيب في الفقه.
وكأن الذي أوقعهم في الشبهة في هذا المقام وغيره من المقامات معلومية مدخلية التمكين في الجملة في الانفاق، فظنوا أنه صار بذلك شرطا على وجه يقتضى انتفاء مشروطه بانتفائه كيف ما كان على ما هو القاعدة في الشروط، وغفلوا عن أن ذلك يتوقف على ملاحظة دليل الشرطية، فان كان هو بحث يقتضي ذلك جرى عليه أحكامها وإلا فلا، وليس في المقام دليل شرطية على الوجه المزبوروإلا لما صح لهم في إيجاب النفقة وفي ذوات الاعذار شرعا أو عقلا ودعوى أن ذلك للاجماع وغيره من الادلة الخاصة معلومة البطلان لمن له أدنى فهم ودرية وملاحظة لكلمات الاصحاب، خصوصا ما وقع لهم من الاستدلال على الانفاق على ذوات الاعذار