جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج30-ص45
التوراة إنما بشرت بنبي واحد يأتي بعد موسى بصدق ما بين يديه من التوراة ويحكم بحكمها، ولا يخالفها البتة، وقبلتهم الطور الذي كلم الله تعالى عليه وموسى، وقالوا: إن الله تعالى أمر داود أن يبنى عليه بيت المقدس، فخالف وظلم فبناه بايليا.
وأما الصابئون فعن أبى علي (أنهم قوم من النصارى) وعن المبسوط (أن الصحيح خلافه، لانهم يعبدون الكواكب) وعن التبيان ومجمع البيان (أنه لا يجوز عندنا أخذ الجزية منهم، لانهم ليسوا أهل الكتاب) وفي المحكي عن الخلاف (نقل الاجماع على أنه لا يجري على الصابئة حكم أهل الكتاب) وعن العين ان دينهم يشبه دين النصارى، إلا أن قبلتهم نحو مهب الجنوب حيال نصف النهار، يزعمون أنهم على دين نوح، وقيل: قوم من أهل الكتاب يقرؤون الزبور، وقيل: بين اليهود والمجوس، وقيل: قوم يوحدون ولا يؤمنون برسول، وقيل: قوم يقرون بالله عزوجل ويعبدون الملائكة ويقرؤون الزبور ويصلون إلى الكعبة، وقيل: قوم كانوا في زمنابراهيم عليه السلام يقولون بأنا نحتاج في معرفة الله ومعرفة طاعته إلى متوسط روحاني لا جسماني، ثم لما لم يمكنهم الاقتصار على الروحانيات والتوسل بها فزعوا إلى الكواكب، فمنهم من عبد السيارات السبع، ومنهم من عبد الثوابت، ثم إن منهم من اعتقد الالهية في الكواكب ومنهم من سماها ملائكة، ومنهم من تنزل عنها إلى الاصنام.
لكن في القواعد (الاصل في الباب أنهم، – أي السامرة والصابئين – إن كانوا إنما يخالفون القبيلتين في فروع الدين فهم منهم، وإن خالفوهم في أصله فهم ملحدة لهم حكم الحربيين) وفي كشف اللثام (بهذا يمكن الجمع بين القولين لجواز أن يعدوا منهم وإن خالفوهم ببعض الاصول، كما يعد كثير من الفرق من المسلمين مع المخالفة في الاصول، بل الامر كذلك في غير الامامية، وقد قيل: إنه لا كلام في عدهما من القبيلتين، وانما الكلام في الاحكام).
قلت: لا ينبغي الكلام في الاحكام بعد فرض أنهم من القبيلتين، أي اليهود والنصارى، ضرورة تعليق الاحكام في النص والفتوى على المسمين بهذا الاسم الذي يشملهم أهل الكتاب، فمع فرض انتحالهم ملة موسى وعيسى والتوراة والانجيل وركونهم إلى ما جاءآ به جرت عليهم الاحكام، بل الظاهر عدم العبرة فيما بينهم من الاختلاف