جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج30-ص14
(القسم الثاني) من قسمي استيفاء العدد (إذا استكملت الحرة ثلاث طلقات) لم ينكحها بينها زوج آخر (حرمت على المطلق حتى تنكح) دواما (زوجا غيره) وتذوق عسيلته ويذوق عسيلتها بلا خلاف أجده في شئ من ذلك، بل الاجماع بقسميهعليه، مضافا إلى الكتاب (1) والسنة (2) قال الله تعالى: (الطلاق مرتان فامساك بمعروف أو تسريح باحسان – ثم قال -: فان طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره، فان طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا) الاية فانها صريحة في حرمة المطلقة على زوجها بالطلاق، وأن حلها موقوف على أن تنكح زوجا غيرة، وأما أن الطلاق المحرم هو الثالث فمستفاد منها بمعونة تعقيبها لقوله تعالى: (الطلاق مرتان) فانه يقتضي كون المعنى إن طلقها بعد المرتين أي التطليقتين الاولتين، والطلاق الواقع بعدهما ليس إلا الثالث، إذ غيره لا يطلق عليه أنه بعد المرتين عرفا، بل بعد الثلاث فما زاد، ولان التحريم بالثالث يقتضي انتفاء في غيره، إلا إذا انتهى الدور، فيحرم لكونه ثالثا أيضا، فلا يكون التحريم إلا به.
ثم إن الظاهر إرادة الرجعى من الطلاق في قوله تعالى: (الطلاق مرتان) بمعنى إن الطلاق الرجعى الذى يجوز للزوج الرجوع فيه مرتان، أي تطليقتان، فالثالث بائن لا رجعي، ومعنى قوله تعالى (فإمساك بمعروف أو تسريح باحسان) إن الزوج بعد التطليقتين الاولتين مخير بين إمساك المرأة بالرجوع وحسن المعاشرةعلى الوجه المعروف شرعا وعرفا وتسريحها بالاحسان، بأن يطلقها التطليقة الثالثة
(1) سورة البقرة: 2 – الآية 229 و 230.
(2) الوسائل الباب – 3 و 4 – من أبواب أقسام الطلاق من كتاب الطلا