پایگاه تخصصی فقه هنر

جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج29-ص403

عزيز، ويشهد له ظاهر كلام الفقهاء والمفسرين، حيث اقتصروا في معنى الاية على ما هو الظاهر، ولم يتعرض أحد منهم حتى القائل بجواز نكاح الامة مطلقا لتأويل الاية وصرفها عن ظاهرها، ولا بقيام الاحتمال فيها، مع ما علم من طريقتهم في استنباط الاحكام من الايات وذكر ما فيها من الوجوه والاحتمالات، وهذا بمنزلة التصريح منهم بعدم وجوب النكاح في تلك الصورة، وإلا فكان ينبغى لهم التعرض لتنزيل الاية على الوجوب حتى يوافق ما ذهبوا إليه، والموجود في كلامهم خلافه.

هذا مع إمكان أن يقال: لو أريد من خشية العنت ما يعم خوف الضرر البدني فلا دلالة في الاية على جواز ترك النكاح معه، لعدم تحقق معنى الصبر فيه حقيقة، فان الصبر تحمل المشقة والكلفة، ولا مشقة في ترك النكاح مع خشية الضرر البدني، وإنما الموجود معه خوف حصول المشقة دون المشقة نفسها، بخلاف التركمع خوف الوقوع في المحرم، فانه لا ينفك عن المشقة الحاصلة باعتبار المنازعة وقهر القوة الشهوية، وعلى هذا فيكون الصبر على ترك النكاح مقصورا على خوف الاثم خاصة وإن كان خشية العنت أعم من ذلك، وإطلاق الصبر على ترك النكاح مع خشية العنت نظرا الى المشقة التى يؤول إليها الترك معها غالبا وإن كان ممكنا إلا أنه تكلف مستغنى عنه، ولو سلم فالواجب تخصيص قوله تعالى: ” وإن تصبروا ” بما عدا خوف الضرر البدني، لوجوب النكاح معه بمقتضى الحمل على العموم، وهذا أولى من حمله علي أفضلية الترك مع فقد الشرطين، فانه بعيد جدا بخلاف التخصيص، كما أنه يجب حكم الفقهاء باستحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه بناء على عمومه بما عدا هذه الصورة، لدلالة الاية على أن ترك النكاح فيها بالخصوص أفضل، فان الخاص مقدم على العام، ولا بعد في ذلك إذا اقتضته الادلة الشرعية، إذ ربما كان مصلحة ترك نكاح الامة أهم من مصلحة الفعل وإن تاقت النفس إليه، فلا يكون الفعل حينئذ راجحا كما عن بعضهم التصريح به أو كالتصريح.

وما في الثامن من أن الخاص ولو كان مفهوما مقدم على العام وإن كان منطوقا